خطاب جعل البلاد بين مؤيد لما ورد فيه.. وهناك من رفضه بالكامل، اما ادراكا وفهما للموضوع فهما صحيحا او لمجرد التطبيل والترديد لما يقوله من حوله.
ما اعلنه سمو امير البلاد في خطابه العقلاني المتزن، الذي واجه فيه التعدي والاسفاف على وطنه.. بالكلمة الحسنة والراقية التي دارت كلها حول تطبيق القانون لا اكثر ولا اقل.
ما جاء في مضمون الخطاب السامي من تغيرات ستطال قانون الانتخابات وستحد من حالة الفوضى في التعديات على تلاحم الوطن وكرامة المواطن… اعتبره البعض تعديا على الدستور، والآخرون اعتبروه حقا للامير.. فانهال اعلان المقاطعة من التغريدات والتعليقات من هنا وهناك.. وهذا حق لكل مواطن.
حق المرأة السياسي كان رغبة سامية وتعديلا على قانون الانتخابات الذي حكر الحق للرجل فقط….وانتشينا نحن النساء.. وانتعشنا وفرحنا وهللنا وانهالت برقيات التهنئة وتدفقت الوفود النسائية شاكرة سمو الامير الراحل جابر الاحمد على هذه الخطوة الجريئة رغم انها لم تكن ضرورة ولم نكن ابدا في وضع نكون او لا نكون.
وبعد انتخاب المجلس اللاحق لهذه الخطوة السامية…عرض هذا الموضوع وتمت مناقشته من كل الجوانب…وتم رفضه وانهارت آمالنا وعدنا من حيث بدأنا.. ولم نقل سوى…هذه هي الديموقراطية.
ليش معترضين يا جماعة… شنو خايفين منه؟ اذا تقولون انتم اغلبية وتمثلون الناس وشعبيتكم قوية وانتم تقودون الشارع… راح ترجعون، ان شاء الله المجلس القادم، وراح ينتخبونكم الناس بصوت او صوتين او اربعة.. بمناطقكم الحالية او اي تغييرات عليها…لأنكم، يا من يقود الاغلبية المعارضة على كل صغيرة وكبيرة، اصبحتم اشهر من النار على العلم… فالناخب في الفيحا والجهرا والقرين والاحمدي وحولي يعرفونك.. ومن ثم اما هم مقتنعون فيكم واما لا.. وبناء عليه فانتم، ان شاء الله، طالعين طالعين.. وبناء عليه ناقشوا مراسيم الضرورة هذه وصوتوا عليها… وارفضوها كما رفضتم حق المرأة السياسي… لانكم انتم لم تتغيروا منذ ذلك المجلس.
خلاص…توكلوا على الله وشدوا همتكم وخوضوا الانتخابات.
اما اذا تقولون ان ما يحصل هو خرق للدستور وتعد عليه… وانكم ستقاطعون الانتخابات ولن تشاركوا فيها عشان لا توصمون بهذه المشاركة.. خلوا من يرحب ويوافق على هذه المراسيم وهذه التغييرات يخوض الانتخابات المقبلة.. ويتحمل عواقب الموضوع.
بعدين يا ناس يا اهل الكويت، ترى الفرصة وصلت لعند باب بيتنا وفرصة عمر ما حلمنا فيها…اننا نشوف مجلس خالي من اسماء مليناها.. وصلت السبعينات والثمانينات من العمر وهي اللي نصبح عليها ونمسي عليها.
مو الكل ينادي بالتغيير؟… يلا يانا التغيير لعندنا… شدوا همتكم الحين وانتخبوا شباب..دم جديد…غير ملوث بأي انتماءات لا طائفية او قبلية او حزبية..يعني الكرة في ملعبنا الآن.. ولا نكرر ما حصل في الانتخابات الماضية حين عادت لنا وجوه التأزيم ذاتها… فوقفنا مكاننا ولم نتحرك قيد أنملة.
واتمنى ممن قاطعوا او اعلنوا مقاطعتهم للانتخابات المقبلة الا ينيبوا آخرين يمثلونهم… وينزلون بالانتخابات نيابة عنهم… لتحقيق او استكمال تحقيق اجندتهم. اتركوا الساحة للجدد الذين لا يريدون الا الكويت ومستقبلها المشرق والزاهر.
هناك من يوافق على ما ورد في كلمة سمو الامير ولكنه متخوف من ضعف الحكومة… ويتساءل وهو متخوف… هل الحكومة مقدمة وقادرة على تحمل القادم من التأزيم المتوقع من جماعة الاغلبية، هل ستصمد الحكومة امام التأزيم الاكبر، هل ستمضي قدما في كلمتها، وهل ستنفذ كلمات سموه بكل قوة، التي استشعرنا فيها بصيص امل لطالما بحثنا عنه منذ زمن طويل؟.
هناك من وصف الخطاب السامي بأنه الاول من نوعه منذ سنوات واستبشر به خير قادم…وهناك من لم يجد جديدا فيه… وهناك من رفضه قبل ان يسمعه.
اقول، ما نعيشه في الكويت من حالة يأس وتذمر وخوف وقلق وفوضى..تحتم كل مراسيم الضرورة على ضوء المجالس الاخيرة المهلهلة التي لم يطلنا منها سوى الهم والغم.. ولم يصدر منها اي قانون يحمي لحمتنا الوطنية، ولم يصدر منها قانون يعيد هيبة وطننا ويعدل الاعوجاج الذي طال قانون الانتخابات وكنا نحن سببا فيه للاسف. ولكن لا عيب في ان نعترف بالخطأ ونطلب اصلاحه.. ومن ثم ولم يصدر من هذه المجالس اي قانون يعيد الطمأنينة الى نفوسنا على مستقبل ابنائنا ووطننا.
أليست حالة الضياع التي نعيشها كلنا على هذه الارض، ضرورة يطلبها ويستجديها كل مواطن على هذه الارض؟ طلبنا ونادينا اعضاء المجالس السابقة بان يلتفتوا اليها… ولكن يبدو ان اولوياتهم لا علاقة لها بأولوياتنا.. بل هي لا تمت اليها بأي صلة.
نعم نحن بحاجة الى قوانين مراسيم ضرورة وفق ما نعانيه نحن ابناء هذا الشعب لا وفق مصالح اعضاء المجلس خاصة من يحمل عصيا وليس عصا واحدة يقذف بها كلما سارت عجلة البلاد.
نعم مللنا حالة الجمود والخوف والهلع…نريد الطمأنينة ونريد الاستقرار.. وهذا لا يأتي الا بتغيير الوجوه التي اصبحت كابوسا نصحو بسببه كل ليلة..والا كيف يسمح شعب لنفسه بان يكون رئيس برلمانه ونائبه في اواخر سنوات عمره ويقولون ان الحراك شبابي… وكثير من اعضاء مجلس امتنا ينفض غبار الزمن عنه كلما صحا من نومه…. فاين الدماء الجديدة، الشابة التي تتجرد من اي تكتل او تنظيم او اي فئة التي ستنقذنا من الاسطوانة المشروخة التي تعيد نفسها بعد ان تلف وتلف وتلف؟
والله لو كان التغيير بصوت او اثنين او ثلاثة او بقي كما هو…لن ينأى مجتمعنا عن حالة التصعيد وحالة الغليان التي نعيشها منذ فترة طويلة… تعرفون لماذا؟ لان الموضوع ابعد ما يكون عن دوائر او انتخابات… واسألوا العالمين بخبايا الامور.
أعلنوا مقاطعتهم.. بركة.. فلن تتوقف عجلة الانتخابات… بل ستجري في موعدها.. قد تكون المشاركة فيها ضعيفة.. وان ضعفت المشاركة… مو مشكلة… فمصر، وفي عز حراكها الشعبي وفي اول انتخابات بعد الحراك الشعبي الكبير الذي ازاح سلطة وجاء باخرى مناقضه لها في كل شيء، كانت المشاركة فيها اكثر من خمسين في المائة بقليل فقط.
باقي القول.. انك يا حكومة مقصرة في اشياء كثيرة وكثيرة جدا، وعليك مسؤولية ضخمة وتتحملين جانبا كبيرا وكبيرا جدا في حالة الجمود التي نعانيها وحالة القلق والخوف…ولكن املنا بك يتجدد اليوم… لاننا نستشعر اننا امام منعطف تاريخي اليوم… فإما اننا نتجه للاعلى فنعلو، واما اننا نتجه نحو قاع الهاوية التي قاربنا الوصول اليها.
فإما ان تثبتي يا حكومة اننا على حق.. واما ان ما ستحمله الايام المقبلة ليس من الاغلبية المعارضة فقط.. بل منا نحن، الذين سنصف معهم ونردح معهم ضدك، لاننا مللنا استمرار التردد والخوف والضعف.
إقبال الأحمد
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق