في القراءة المتأنية والهادئة والعاقلة لما أمر به صاحب السمو الأمير من تعديل جزئي في نظام التصويت الانتخابي، نكتشف أننا ـ وإذا ما أحسنا التعامل مع التغيير بشكل جيد ـ سنضع أقدامنا على أول طريق الديموقراطية الحقيقية لننسف كل ما أنتجته مجالس الأمة السابقة من قوانين ديكتاتورية استعبادية مخالفة للفطرة الإنسانية وللدستور.
وهي فرصة لن تتكرر في تاريخ الكويت السياسي، وستعيد الكويت إلى بهائها المفقود وتغسل وجهها وتنقيه من هذا الشحوب البادي عليه منذ عقود من سنين فشت فيها ديكتاتورية مجالس الأمة وسلبت النور من عيون الكويت وطمست عيون أهلها.
وهذه الفرصة تحققت بمجرد إعلان البعض ـ كتلا أو أفرادا أو جماعات ـ عن نيتهم عدم خوض الانتخابات المقبلة، ومن حسن الحظ أن هذا البعض الممتنع ينتظمهم خيط واحد ويسيرون في موكب واحد ويعزفون على وتر واحد، وهو عداؤهم للديموقراطية الحقيقية وللدستور، وهم الذين ساهموا في تركيع الكويتيين وترجيع الكويت إلى الوراء، وهم بهذا الامتناع قدموا ـ دون قصد منهم ـ أكبر خدمة للكويت ولديموقراطيتها ولحاضرها ولمستقبلها.
وكل ما نرجوه أن يتبعهم في هذا الامتناع الكريم جماعة «الإخوان المسلمون» والسلفيون وكل من يتخذ الدين سبيلا إلى مجلس الأمة.
نحن الكويتيين ـ المجايلين لبهاء الكويت وأعراسها وانفتاحها وليبراليتها وتعدد الثقافات فيها ـ أكثر الناس فرحا بعودة معشوقتنا الكويت إلى أحضاننا من جديد بعد أن تم اختطافها واغتصابها على أيدي من لم يرحموها ولم يحفظوا جميلها عليهم في تواطؤ بشع بينهم وبين الحكومات السابقة التي مكنتهم من رقبة الكويت وشحذت لهم السكاكين والخناجر لحز رأسها وإسالة دمائها وأعطتهم السياط وقالت لهم: استعبدوا الكويتيين وألهبوا ظهورهم.
الآن عاد الحق وزهق الباطل وانتصب ميزان العدل في فرصة لم يكن أحد منا ليتوقعها، وما علينا سوى استغلالها الاستغلال الحسن من خلال انتخاب عناصر ليبرالية متفتحة ومؤمنة بالديموقراطية الحقيقية التي تؤمن بحرية الفرد وتعززها، وما على هذه العناصر في حال فوزها وبلوغها القبة البرلمانية إلا أن تعيد دراسة جميع القوانين اللاديموقراطية المقيدة للحريات وإبطالها واستحداث قوانين تنقضها إنصافا لكرامات الناس التي أهدرتها تلك القوانين وإحقاقا للحق وللعدل الذي أهدر واختل ميزانه.
فأهلا بالكويت العائدة إلينا من جديد بثوب عرسها الزاهي.
katebkom@gmail.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق