واضح من احداث امس الاول ان هناك من كان ينوي الانتقام من «جماعة» المقاطعة. وانا لا ألومه على الاطلاق. فالجماعة تجاوزوا كل الممكن، وقطعوا الصلة النهائية بينهم وبين النظام، وقلّلوا الادب في الاستجابة للرجاء السامي، وتمادوا عندما انتهكوا بصفاقة المادة 54 من الدستور. لهذا لا نلوم من حاول تصحيحهم او ردعهم.. لكن يبقى ان من حقهم تصغير انفسهم او التعبير عنها، وانهم لحم ودم وليسوا ادوات تقوم بالعنف. وببقى الاهم من كل هذا، ان الذين تعاملت معهم بقسوة مفرطة، غير مبررة قوات الامن، هم مواطنون نزلوا الى الشوارع للتعبير عن رأيهم، وانهم ليسوا وليد الطبطبائي او مسلم البراك، او حتى احمد السعدون، بل مواطنون آمنوا عن حق بما يعتقدون، وخرجوا للتعبير عن هذا الايمان وتأكيده وليس لشيء آخر ربما كان باطلا وربما كان حقا ما يعتقدون، هناك شك بالتأكيد في هذا.. لكن ليس هناك شك في حقهم الدستوري في التعبير عنه. لا يفرق على الاطلاق انهم اختاروا بعناد هذا الايمان ام ان البعض غرر بهم كما يدعي عليهم الكثيرون. بل ان الزعم بانه تم التغرير بهم يتطلب التعامل معهم برفق ولين، وليس بعنف وشدة.
الآن بعد ان اخذ كل حقه، رغم ان السلطة اخذت حقها بالخمس، او حقها ونص، الآن وعطوا القوات الخاصة اجازة، فهم يستحقونها، فقد ادوا واجبهم الوطني، وادوا واجبهم العسكري واكثر شوي. عطوا القوات الخاصة اجازة فلستم بحاجة لتأديب من يحمل رأيا، ولستم بحاجة الى قمع ابنائكم المسالمين. عطوا ابناءكم فرصة التعبير السلمي عما يجيش في نفوسهم وعما يعتقدون انه حق. فتغيير وجهة نظرهم، من المفروض ان يكون سهلا بالحجة والاقناع.
لقد كسب النظام الناس بفعل حماقات جماعة المقاطعة، خصوصا بعد التعديات الاخيرة على المقام السامي التي قوبلت باستهجان شديد من كل الكويتيين. والمطلوب استثمار هذا الموقف لمصلحة اقامة علاقات اوثق مع الناس وليس التفريط بالتعاطف والمحبة عبر اعادة تجييرها لمصلحة الطرف الآخر.
***
لا أعتقد اننا بحاجة الى تأكيد ان امر انسحاب السيد احمد المنيس من المنبر الديموقراطي، امر شخصي وحق فردي يملك السيد المنيس اتخاذه دون الرجوع الى احد سوى قناعاته. لكن يبقى ان امر «ديوان» المرحوم سامي المنيس بوصفه مقرا «تاريخيا» للمنبر الوطني الديموقراطي، اعرق التنظيمات والهيئات الوطنية، يبقى امرا في اعتقادي «عاما»، ربما يتعدى حقوق السيد احمد المنيس الملكية وبالتأكيد يفوق قراراته الخاصة.
سيكون ظلما لتاريخ سامي المنيس انهاء وضع الديوان -المقر. بل ربما سيكون هذا بداية لاهمال او نسيان التاريخ النضالي للمرحوم سامي المنيس. في الدول الراقية، يتم «تعميم» او تأميم ممتلكات ومقتنيات المشاهير والعظماء. ويتم تحويل بعضها الى متاحف او معروضات تذكر بتاريخ الانسان المعطاء وتأثيراته الايجابية في المجتمع. ان سامي المنيس يستحق اكثر من النسيان او الاهمال، وان المنبر الوطني الديموقراطي ايضا يستحق الا «يحارب» بهذا العنف، فتطرده السلطة من نادي الاستقلال ويحرمه السيد المنيس من مقره الحالي.
لهذا اعتقد ان في الامكان، او ربما من المفروض، ان يتم التكاتف من قبل المهتمين بتاريخ المرحوم سامي المنيس ونشاط المنبر لامتلاك ديوان او منزل المرحوم سامي بأكمله، والاحتفاظ به مقرا تاريخيا للمنبر الديموقراطي وتذكارا لنضال المرحوم سامي المنيس وجهاده.
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق