ما إن انتهى الاحتفال بمؤتمر قمة حوار التعاون الآسيوي، الذي حققت الكويت من خلاله نجاحاً سياسياً مهماً حضرته 32 دولة آسيوية، وكان المفترض لهذا الحدث السياسي ان يحدث فرحاً لاهل الكويت، خصوصاً بعد اشادة المؤتمرين بالكويت ودورها على المستويين الآسيوي والعالمي.
ولكن أبى بعض اهلنا الا ان يقلبوا الفرح الى حزن والسرور الى ترح، فكان ان خرجوا الى الشوارع محتجين، واندفعوا للاصطدام مع قوات الامن في مشهد تم نقله على غالبية الفضائيات العالمية والاقليمية ليعطي صورة سلبية عن الكويت.
بين هذين المشهدين يقف المرء متسائلاً: لماذا يقوم بعض مواطنينا بتشويه الصورة الجميلة للكويت؟
ولماذا سارعوا فوراً الى قلب الصورة الرائعة التي عمل المسؤولون اشهرا طويلة لعقد هذا التجمع الآسيوي الكبير ولاول مرة في الكويت ليروا الناس صورة سلبية عن بلادنا؟
وهل يعقل من التيارات الاسلامية، التي تنادي بتطبيق الشريعة الاسلامية، عصيان ولي الامر بهذه الطريقة غير الحضارية التي استغرب منها العديد من مشايخ الدين وعلماء الكويت؟
حسناً فعل الاخوة في جمعية الاصلاح الاجتماعي حين قاموا بزيارة صاحب السمو في اشارة واضحة الى رفضهم الفوضى التي مارسها بعض السياسيين المحسوبين على التيار الديني والذين خالفوا صريح الفهم الفقهي الاسلامي وفقاً للمذاهب الاربعة، والذين اساءوا إلى الفهم الاسلامي في تحركهم في الشوارع التجارية للبلد مصطحبين معهم حريمهم وأطفالهم الصغار للاختباء خلفهم مع علمهم انهم قد يتعرضون للعنف ولكنهم كانوا يطبقون «الوسيلة تبرر الواسطة»!
ولئن صدقت الاخبار عن اعتقال احد القياديين الاسلاميين العرب والذي خطط لتظاهرات عربية اخرى فإن الامر يدعو الى استغراب اكبر!
اما المستغرب في الامر فهو تحالف الليبراليين مع اليمين الديني في هذا الاحتجاج السياسي والذي عبر عنه الدكتور احمد سامي المنيس خير تعبير في احتجاجه لهذه «التوأمة» الغريبة.
وحسنا فعل زعماء القبائل وعلماء الدين ورؤساء الجمعيات ذات التوجه الاسلامي حين بينوا بوضوح اهمية التمسك بالدستور وبحكمة سمو الامير في اقتلاع بذور الفتنة من اساسها، ولعل الحوار الواسع الذي سينشأ من الآن وقابل الايام هو بين ابناء القبائل انفسهم وبين اصحاب الحركات الاسلامية نفسها التي انقسمت الى فئات متباينة.
اصبح الحوار اليوم بين من يريد الدستور لتعزيز النظام ومن يريده لاحداث الفوضى.
ما نتمناه ان يستمر الحوار الكويتي – الكويتي حواراً سلمياً ودستورياً ومدنياً، اما الترشيح للانتخابات المقبلة من عدمه فهو حق كفله الدستور لكل مواطن يختار ما يشاء من دون حرج او اجبار.
هذه هي الديموقراطية التي ارتضاها اهل الكويت والتي بينوا فيها حقوق وصلاحيات السلطات الثلاث وعلى رأسها سمو الامير.
د. عبد المحسن يوسف جمال
ajamal2@hotmail.com
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق