امران يظهران على الساحة حين تختلط الاوراق: الاول الفرار الى الدين، والثاني الهروب الى كل ما يذهب بالعقل، وهذا ما احذر منه مع تردي الاوضاع لدينا بهذا الشكل المؤسف، فمن فتنة يشعلها البعض احياناً وصراع بين الحكومة والمجلس، وندرة في فرص الاستثمار، تزداد الفرص نحو الميل اما الى الدين واما الى مذهبات العقل، وكلاهما محاولة للتغيب عن الواقع لمرارة طعمه.
ان الاتجاه الى الدين امر محمود، لكن غير المحمود التطرف والغلو فيه، حيث يتولد الارهاب، وهو امر يأتي على الاخضر واليابس، وهو للاسف ما نلاحظه في ايامنا الحالية، فباسم الدين الكل يتحدث، وباسم الدين الكل يحاول ان يكون له موقع على خريطة الاحداث الساخنة، وباسم الدين تبرم صفقات وتلغى اخرى، يصل اشخاص الى الكرسي الاخضر ويسقط آخرون، تفوز قوائم وتحالفات داخل الحرم الجامعي وتخسر قوائم، فباسم الدين تسهل امور مستعصية.
اما الامر الآخر، فهو الهروب الى كل ما يغيب العقل، من مسكرات ومخدرات، وخلافه، لا لشيء الا لمحاولة نسيان الواقع، فالواقع مر، اختلط فيه الحابل بالنابل، لم يعد من السهل تحديد الشخص المخطئ والشخص المصيب، للاسف حتى الفاسد تجرأ واصبح ليس لديه دم.
ووسط كل هذا، بعض مؤسسات الدولة الرسمية غائبة، وللاسف يسيطر عليها ويتحكم فيها افراد ذوو ميول اما طائفية او لديهم غلو في فهم معنى الدين السمح، الدين الوسط.
ان الدور الرئيسي لمؤسسات الدولة التنوير والارشاد الى الطريق الصواب، لكنه دور مفقود بسبب ان هناك خطأ شائكا صعبا تجاوزه، وهو ان مجتمعنا الكويتي بطبيعته مجتمع متدين، متغلغل فيه الدين، يلعب على اوتار افئدة اهل الديرة من يتحدث باسم الدين، يفوز بالمناصب من يلبس عباءة الايمان، يسلب العقول ويأسر الافئدة من يتفوه باسم الدين.
وازعم انه لو بقيت الحال على ما هي عليه ولم تتدخل الدولة بخطة عمل مدروسة وبأشخاص مستنيرين ليست لديهم اي نوازع او ميول، يفقهون الناس في الدين، ويوضحون لهم الصواب من الخطأ، فإن القادم لا يبشر بخير، لان اظافر البعض سوف تصير مخالب تنهش في لحم كل من يحاول المساس بما اكتسبت.
ان التردي في الاوضاع التي نعيشها حالياً هو نتيجة التهاون في امور لو حسمت من قبل لما استفحلت بعض الطوائف والاشخاص، لكنه لم يفت الوقت بعد، فما زالت لدينا فرصة لتصحيح الاوضاع.
***
…. وتبقى كلمة..
ترن في اذني كلمات الشاعر:
أهواك يا وطني
فلا الاحزان انستني هواك ولا الزمن
ماذا اصابك يا وطن؟
دعيج خليفة طلال الجري
(عضو مجلس امة سابق)
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق