في خضم الاحداث والتطورات التي تثير القلق والخوف والهلع مما هو آت على هذه الأرض.. وبعد اشتداد حالات الانفلات الاخلاقي والأمني.. وبعد ان اثبت المعارضون ان لا كلمة الا كلمتهم ولا صوت الا صوتهم.. وبعد ان ارتفع سقف المطالبات الى ان وصل الى اقصى علو.. وتجاوزه متجها الى الفضاء المفتوح.. في خضم كل ذلك سمعنا من يدعو الى التعامل مع الموضوع بحكمة وتروٍّ وحذر.. ويدعو الى الحوار مع الصوت المجلجل للمعارضة.
جميل جدا هذا الكلام وانا اتفق معه تماما مائة في المائة.. ويتفق كثيرون ايضا مع هذا الطرح، لان التشنج والانفعال لا يؤتيان أي ثمار، بل قد يزيدان الطين بلة، ويزيدان الموضوع تعقيدا.. وقد يأتيان بنتائج معاكسة لا تحمد عقباها.. خاصة ان مجتمعنا صغير وطرفه في الشمال يتأثر بطرفه بالجنوب بسرعة غير عادية.
ولا اعتقد ان أي عاقل لا يدعو لمثل هذا الامر.. بدليل اننا كلنا نرفض الاسلوب الحالي في الاعتراضات التي يمارسها من يطلقون على انفسهم الاغلبية، رغم انها لم تعد تملك هذه الصفة بعد حل المجلس.. واننا كلنا نستهجن اسلوب التجاوزات التي تزداد يوما بعد يوم من جانبهم.. تعبيرا عن حبنا للحوار والحكمة في التعامل مع مثل هذه التطورات.
ما اجمل الحوار اذا كان مع اناس يعرفون معنى الحوار.. مع اناس يفهمون معنى الحوار، مع اطراف تؤمن بقيمة الحوار.. مع جماعة تدرك اصول الحوار.. اما ما رأيناه منهم.. من حيث اسلوب وطريقة ايصال الرأي عندهم.. لا يبشر بالخير ابدا.
الحوار يتطلب ان يكون هناك سقف مقبول في المطالب، لا التعجيز وتجاوز القانون ومبادئ الدستور.. الحوار يحتاج الى صدق في النوايا لا التلون والتمثيل.. كي يرتفع سقف المطالب مع كل تجاوب من الطرف الآخر.. حتى وصل الى ان تردح جموع الشباب الذين لا يفقه كثير منهم الف باء الديموقراطية، ولا يعرفون ماذا يعني ما يردحون به وابعاده.. ولا يفقهون معنى الاحترام وصون كرامة الوطن.. تلك الجموع الشبابية انتشت من قائدها وهو يضرب بكل قسوة.. دون ادنى احترام وتقدير للوطن.
وذكرتنا التهويسات التي صدحت بها حناجر هؤلاء الشباب المغرر بهم بتهويسات عراقيين بعد أي كلمة يقولها رئيسهم.. حين ينتشون بها ويطيرون في الاجواء بلا جوانح.
ثم هناك موضوع مهم ومهم جدا.. وهو ان الحوار الذي ندعو له كلنا لتجنيب البلاد المزيد من الانحدار.. يجب ان يقوم على اصول واضحة وثابتة.. وهي اولا تطبيق القانون على من تجاوز بصوته أو بفعله رجل امن أو تحدى قانونا أو افتعل سلوكا لجر الاخرين الى هاوية تسحب معها الوطن كله.
طبقوا القانون وحاكموا من ارتكب جرما أو جنحة.. ثم اجلسوا لتتحاوروا.. اما ان يكون الحوار أو يقوم على مبدأ عفا الله عما سلف فهذا مرفوض مرفوض.
الحوار جميل وجميل جدا.. ولكن لا يكون ابدا على حساب هيبة القانون والدولة.. ولا على حساب الشعب الكويتي الذي ذاق الامرين من جراء كل ما حصل ويحصل.
إقبال الأحمد
Iqbalalahmed0@yahoo.com
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق