من غير المنطقي الجلوس مع النواب أو أصحاب الدواوين أو رجال الدين لحل مشكلة هم ليسوا طرفاً فيها، فالنواب لهم حسابات سياسية قد تتغير بتغير معطيات معينة كأن يحظى أحدهم بكرسي رئاسة المجلس أو آخر بعدد من الوزراء، وغيرها من أمور تحدث كثيراً في اللعبة السياسية ومع كثير من الساسة.
أما أصحاب الدواوين خصوصاً التقليدية فلهم كل التقدير والاحترام وإن اختلفوا في الرؤى، فالمشكلة الحقيقية ليست نابعة منهم ولا يملكون أن يقدموا حلولاً لها لأنهم، كما ذكرت، ليسوا أصحاب المشكلة المباشرين.
ورجال الدين كذلك مهمتهم تقتصر على الوعظ والإرشاد في أمور الدين كالعبادات، ولا مكان لهم في حراب الدولة المدنية التي يربط أواصرها القانون لا الدين، بل إن جزءاً كبيراً من تخلفنا هو اللجوء إلى الدين لحل الأمور في دولة مدنية، وقد يكون هذا العلاج ناجحاً في عصور سبقت إلا أنه لن يؤتي ثماره طبعاً اليوم في ظل هذا الانفتاح والاطلاع الواسعين على مجريات الأمور في الدول المتحضرة ذات الدساتير العلمانية كالدستور الكويتي الذي حرص واضعوه على ألا يتضمن تمييزاً بسبب الدين، وشدد على أن الناس سواسية بعيداً عن تقسيمات الدين، إلا في مواضع محدودة كالميراث.
المشكلة لدى الشباب ومنطقياً الحلول لديهم، المسألة اليوم ليست مسألة مرسوم ضرورة حكومي لتغيير النظام الانتخابي، بل مسألة ظلم يشاهدونه يومياً، وواقع سيئ لا يعالج إلا بعبارات كـ”الحمدلله عالنعمة، والله لا يغير علينا، وعطوهم فرصة”.
لقد سلب كل شيء من الشباب اليوم، فلا علاج ولا تعليم ولا تطور وظيفيا ولا إسكان ولا رياضة ولا سياحة ولا موسيقى ولا ثقافة ولا علوم، كل المجالات متردية بإدارة حكومية وأحياناً بإرادة نيابية.
مجلس الأمة هو النموذج الوحيد الماثل أمام الشباب، والذي يملكون تغييره كل 4 سنوات في الظروف الطبيعة، وكل سنة في السنوات الأخيرة، نعم تصل إليه وفق النظام الانتخابي الحالي معاول الهدم أكثر من البناء، لكن لدى الناخب سلطة التغيير إن أراد، وهو الأمر الأشد وضوحاً والمتنفس الأكثر اتساعاً للشباب اليوم. وأن يُسلب هذا الحق منهم بإرادة حكومية هي شريك أساسي غير متغير في قتل طموحاتهم بكل المجالات، فهو أمر لا يمكن أبداً القبول به، وهو ما سبب ردة الفعل العنيفة تجاهه.
نعم قد يخطئ الشباب أحياناً في أساليب رفضهم، وهي نتيجة طبيعية لتردي تعليمهم وتوعيتهم من الأساس، والذي تعمدت الحكومة أن يكون سيئاً على مدى سنوات طوال، نعم قد يتطرف بعض الشباب في مطالبهم، وقد يردد آخرون مصطلحات وعبارات لا تمت لا لدستور ولا لقانون بصلة، وهي أمور تحتاج إلى تقويم لا إلى قمع أبداً.
الجلوس مع الشباب ومحاورتهم ومنحهم سلطات أعلى من عبارات تردد بالمناسبات هي الحل قطعاً، وهي ما سيقود سفينتنا إلى بر الأمان والتنمية، فاستمعوا إليهم قبل تخوينهم والاستهانة بحراكهم والتشكيك في نواياهم، فهم مبعث الرجاء ومعقد الأمل.
خارج نطاق التغطية:
يحذر الكثيرون من بعبع “الإخوان”، ويتناسون أصلاً من جعله بعبعاً على مر الثلاثين عاماً الماضية، ومن سلمهم المساجد وأغلق الجمعيات إلا جمعيتهم، وقبل بإهانتهم لكل الكويت وسكت عن موقفهم في الغزو، وقلدهم كل المناصب القيادية لينتشروا ويحققوا أهدافهم، فمن جعل من “الإخوان” خطرا ليسوا الشباب أبداً.
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق