يوسف الزنكوي: العريفي وشيوخ الدين … ورمزنا المفدى

في منتصف شهر يناير من العام 2010 – أي قبل أكثر من 34 شهرا أو نحو ثلاث سنوات – قال الدكتور محمد العريفي في معرض خطبته المتلفزة عن الحوثيين إن سماحة العلامة السيد علي السيستاني “زنديق وفاجر” والعياذ بالله. وكان هذا قبيل زيارة له إلى الكويت حيث الكثير من شيعتها يتبعون في مرجعيتهم العلامة الجليل علي السيستاني.
لهذا ودرءاً لفتنة طائفية قد تندلع نيرانها في الكويت, صرح وزير الداخلية الكويتي بأنه “يُسمح للعريفي من دخول الكويت ولكنه غير مرحب به بالتصريح لأي وسيلة إعلامية ولا بإلقاء أي خطبة داخل الكويت”, حتى لا ينتهز الفرصة أحد الصحافيين من الذين يصطادون في الماء العكر فيثير موضوع السيستاني أو غيرها من القضايا الدينية الحساسة, “وإحنا مو ناقصين”.
وبعدها ببضع ساعات أطلق وزير الداخلية تصريحا آخر منع بموجبه دخول العريفي إلى الكويت. حينها بينت مصادر موثوقة أسباب هذا المنع بأن أحد أعضاء مجلس الأمه قابل وزير الداخلية وعرض عليه فيديو منقولا من موقع »يوتيوب« ظهر فيه العريفي وهو يمجد المقبور صدام العراق, الأمر الذي قد يثير حفيظة الكويتيين من أهالي الأسرى والمفقودين والشهداء والمعذبين ابان الاحتلال الآثم. وبناء على هذا الفيديو تغير تصريح الوزير من الدخول المشروط إلى المنع من الدخول.
حينها قام 106 من شيوخ دين كويتيين بينهم 33 من حملة درجة الدكتوراه, بإصدار بيان في 16 يناير 2010 يستنكرون من خلاله قرار وزارة الداخلية بمنع العريفي من دخول الكويت. كل هذه القائمة لم تهتم بأهالي الأسرى الكويتيين ولا بالمفقودين الكويتيين ولا بالشهداء والمعذبين من أبنائنا وبناتنا من جراء الغزو الصدامي المشين, بل إنهم لم يهتموا بمشاعر كل الكويتيين الذين ساءهم ما تفوه به العريفي من مديح للمقبور صدام حسين الذي آذى الكويتيين, جسديا ومعنويا وماديا, ناهيك عن عدم احترام مشاعر شيعة الكويت والملايين من شيعة العالم بعدم ردع العريفي حين شتم العلامة الجليل سماحة السيد علي السيستاني ووصفه بالزندقة والفجور والعياذ بالله, ولكن ساءهم قيام الدولة التي احترمت مشاعر مواطنيها ممثلة بوزارة الداخلية فمنعت العريفي من دخول الكويت.
وبعد قرار المنع بأكثر من سنتين, وتحديدا في الأسبوع الأخير من مايو الماضي – أي قبل 5 أشهر تقريبا – ومن بين كل القضايا الكويتية الملحة التي تطل برؤوسها في زحام الأولويات المفرطة, قام النائب المبطلة عضويته من مجلس الأمة الكويتي الدكتور عبيد الوسمي بنبش موضوع منع العريفي من دخول الكويت, من خلال توجيه سؤال إلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ أحمد الحمود طالبا فيه تزويده بنسخة من قرار منع العريفي من دخول البلاد, مع بيان الأساس القانوني لهذا القرار, وما إذا كان أمر المنع قد صدر شفوياً.
ورغم ذلك فإن كل ما بدر من العريفي تجاه الكويت في العام 2010 لا يساوي شيئا بالمقارنة بما تفوه به من تجريح بالغ تجاه أحد أهم رموز دولة الكويت – إن لم يكن أهمها على الإطلاق – وهو أمير الكويت المفدى صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح, حفظه الله ورعاه. ويبدو أن قرار منعه من دخول الكويت كان القشة التي قصمت ظهر البعير, ما دفعه إلى الهذيان والتفوه بما لا يعلم بسوء عاقبته.
فقبل عيد الأضحى المبارك بأيام حرض العريفي عبر حسابه على »تويتر« على القيادة السياسية, وزاد تحريضاً وإثارة للفتنة بين مكونات المجتمع الكويتي عبر تغريداته.
بعد حادثة “كرامة الوطن” المشينة لمن رتب لها من الانتهازيين والوصوليين والمهينة لمن شارك فيها من التابعين, أقول بعد سحابة الصيف هذه:, تزاحمت الوفود الكويتية من شخصيات سياسية واقتصادية واجتماعية ودينية وثقافية على دار سلوى لإظهار التأييد والدعم والمساندة لصاحب السمو الأمير, وهو أمر أقل ما يستحقه سموه.
إلا أن الغريب في الأمر أن الوفد الديني الوحيد الذي توجه لتأييد أمير البلاد وتحدثت عنه وسائل الإعلام هو الوفد الثلاثي المكون من الدكتور خالد المذكور والدكتور محمد عبدالغفار الشريف والدكتور محمد الطبطبائي. نعم كان هذا هو الوفد الوحيد الذي توجه لتأكيد وقوف رجال الدين مع الكويت وليس مع سموه فقط. لهذا أتساءل: أين البقية من دكاترة الشريعة والخطباء وأئمة المساجد والدعاة? وأين جيش وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية?
إذا كان مجرد خطأ ارتكبه الدكتور محمد العريفي في حق شريحة من مواطني الكويت وأهالي الأسرى والمفقودين والشهداء كان السبب في اتخاذ وزارة الداخلية قرارا بمنع العريفي من دخول الكويت, ما دفع بأكثر من مئة شخصية دينية للتصدي لهذا القرار فأصدروا بيانا نشر في عدد من الصحف المحلية يطالبون فيه الجهات الرسمية بإلغاء القرار, فأين نصف هؤلاء المئة شخصية دينية من الوقوف في وجه العريفي والدفاع عن رموز الكويت? ولماذا لم يرافقوا ذلك الوفد الثلاثي لتأييد أميرنا المفدى كما فعل غيرهم من الوفود حتى ظننا أنه عيد الولاء والبيعة?

* إعلامي كويتي

yousufzinkawi@hotmail.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.