إن مجرد الخروج عن القانون المعمول به في دولة ما، يعتبر اعتداء على سيادة الدولة، والاعتداء بأي شكل من الأشكال يخرج الفعل عن وصفه بأنه سلمي، ولقد رسم قانون التجمعات طريقنا لممارسة حق التظاهر سلمياً، بأن اشترط الحصول على إذن خاص من الجهات المختصة، مستوفياً للشروط التي ينص عليها القانون، بما تضمنه من احتياطات للمحافظة على سلامة المتظاهرين وأرواح الآخرين وممتلكاتهم، مع تحديد مكان التظاهر ومساره. وقد جاء في المادة 44 من الدستور «الاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون، على أن تكون أغراض الاجتماع ووسائله سلمية ولا تنافي الآداب العامة». وما حدث في التظاهرات التي أدت إلى التصادم مع قوات حفظ الأمن، يخرج تلك التظاهرة عن سلميتها، أولاً: من حيث عدم الحصول على ترخيص بها. ثانياً: تعريض الممتلكات الخاصة والعامة إلى الاعتداء عليها، وترويع المواطنين. ثالثاً: خروجها عن الإطار والمكان اللذين ينبغي لها التواجد فيهما. رابعاً: إخلالها بأمن المواطنين وأمانهم. خامساً: تجاوزها حدود الآداب العامة بالفعل والقول الفاحش، والتطاول. أفبعد كل ذلك هل يحق لنا أن نصف تلك التظاهرة بأنها سلمية؟! ونتباكى وندين تصرفات رجال الأمن الذين كانوا يقومون بأداء واجبهم للحفاظ على سيادة القانون وأمن الوطن والمواطن؟. إن حرية الرأي تنتهي عند بداية الإطار القانوني وسلامة وحقوق الآخرين. لقد أعطى الدستور في المادة 71 منه الحق لسمو الأمير في إصدار المراسيم في حالة ما إذا كان مجلس الأمة في حالة الحل، أو في حالة انتهاء الفصل التشريعي، وعرضها على المجلس في أول اجتماع له وللمجلس أن يقرها أو يرفضها، وإذا رفضها تزول بأثر رجعي. وبناء على ذلك فإن إصدار مرسوم بتعديل قانون الانتخاب ليس بدعة، بل حق دستوري للأمير، يجب احترامه كباقي نصوص الدستور، والخروج عليه ومنع ممارسته يشكل عرفاً في ممارسة ضغوط لتعديل نصوص الدستور من خارج مجلس الأمة، وبأسلوب غير ديموقراطي ولا دستوري ومخالف لما تعاقدنا عليه دستورياً في كيفية تعديل نصوص الدستور في المادة 174. ان الاعتراف بالحق فضيلة، فيجب عدم اضفاء الشرعية وتبرير اخطائنا، بإلباسها ثوبا عاطفيا في التباكي على تلك الليلة الليلاء، وجعلها كقميص عثمان، مبررا لتجاوز سيادة القانون وخرق نصوص الدستور. كما انه لو اخذ بالصوت الواحد فهو امر قانوني وسيسري على جميع المواطنين من دون تفضيل لفئة على اخرى، والمواطنون سواء امام القانون. كما ان ممارسة الانتخاب والترشيح هي حقوق لكل المواطنين، فمن شاء فليمارس حقه ومن لا يريد ممارسة حقه فهو في حل من امره، ولكن يجب التوجه بكلمة الى اولئك الذين اخذوا لانفسهم صفة التحزب اللاقانوني، واجتمعوا وقرروا في معزل عن اتباعهم قرارا بمقاطعة الانتخابات، ان هذا الموقف السلبي ومبرراته تدل دلالة قاطعة على عدم ايمانهم بالديموقراطية وحكم الاغلبية، (وكل يريد جر النار صوب قرصه) كما يجب ان نذكرهم بالمحاذير التي منعت واضعي الدستور من الاخذ بالنظام البرلماني الصرف، حيث جاء في المذكرة التفسيرية للدستور «ليس اخطر على سلامة الحكم الديموقراطي من ان يكون الحكم هدفا لمعركة لا هوادة فيها بين الاحزاب، بدلا من البرامج السياسية، واذ آل الحكم الديموقراطي الى مثل ذلك، ضيعت الحقوق والحريات باسم حمايتها».
مصطفى الصراف
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق