تصفحت موقع قناة »بي بي سي العربية« على الأنترنت, ولم أجد أثرا ً لخبر الـ 150 ألف متظاهر, الذي أشاعت المعارضة الكويتية مشاركته في ما أسموه دجلا »مسيرة كرامة وطن«, وكل ما ذكرته القناة هو الأتي ” وأضاف شاهد أن شرطة مكافحة الشغب طوقت بعض الاحتجاجات التي ضم كل واحد منها ما بين 400 و500 شخص”, كما ذكرت القناة على موقعها أيضا, نقلها قول “شاهد أخر إن الشرطة طوقت مسيرة أخرى تضم أكثر من 2000 متظاهر كانوا متجهين إلى أبراج الكويت”.
وإن من استندت المعارضة على قولها في أكذوبة الـ 150 ألف متظاهر, هي محللة الشؤون الخليجية كرستيان كوتس أولرتشسين, التي لم تذكر على الإطلاق, أن عدد المتظاهرين كان 150 ألفا, وإن ما ذكرته ننقله نصا, قولها “وجاءت مسيرة حاشدة أخرى في الحادي والعشرين من أكتوبر كأحد أكبر الاحتجاجات في تاريخ الكويت حيث شارك فيها ما يزيد على مئة ألف متظاهر”.
والإعلاميون والسياسيون المعارضون في الكويت, يعرفون الفرق بين الخبر والتحليل, الذي يستند إلى الخبر الصحيح في تحليله, لكنهم وجدوا في التحليل السياسي لمحللة الـ »بي بي سي« للشؤون الخليجية, كذبة تعينهم على التغرير بالشبيبة والشباب, وسفاه الشيب ممن لا يرتجى منهم حلما.
أما الجرم القانوني, الذي يستوجب مقاضاة قناة الـ »بي بي سي« عليه, مخاطبا ً معها محللة الشؤون الخليجية, فذلك لأنها نشرت من دون تثبت معلومة على موقعها على الإنترنت معلومة غير دقيقة, جاءت ضمن تحليل سياسي, أفادت فيه بأن عدد المتظاهرين في يوم 21/10/2012, قد تجاوز المئة ألف متظاهر, وكان من شأن هذه المعلومة, أن اتخذت من قبل المعارضة الكويتية دليلا على »مخالفة القوانين أو ارتكاب الجرائم«, وفقا للفقرة 6 من المادة 11 من القانون رقم (61/2007), بشأن الإعلام المرئي والمسموع.
وبما أن القانون الكويتي يجرم التظاهرات غير المرخصة, لما يرافقها عادة من مصادمات دموية, فإن المعلومة التي أوردتها محللة الشؤون الخليجية لقناة »بي بي سي«, قد استند إليها الذين نظموا »مسيرة لكرامة وطن« الأولى, في تحريضهم الناس على التظاهر في »مسيرة كرامة وطن« الثانية, وما كان من شأن نشر معلومة مغلوطة كهذه, من تزعزع ثقة المجتمع باستقرار النظام العام, وهو ما يتعارض مع المصلحة الوطنية.
ولما كان قانون المرئي والمسموع ينص على معاقبة مرتكب هذه الجريمة, من دون عائق لمعاقبة مرتكبها بعقوبة نص عليها قانون آخر, فإن قناة »بي بي سي«, قد خالفت المادة 172 من قانون الجزاء 16/1961, التي تنص على أن ” كل من ارتكب عن إهمال فعلا نشأ عنه خطر للأشخاص أو الأشياء في طريق عام… يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة واحدة وبغرامة لا تجاوز ألف روبية أو بإحدى هاتين العقوبتين”.
ويظهر هذا الإهمال من جانب قناة »بي بي سي«, بأن القناة ذاتها في الخبر, الذي بثته لم تذكر, ما ذكرته محللتهم للشؤون السياسية الخليجية, الذي ظهر بيانه في الفقرة الأولى من هذه المقالة, والتي ذكرت فيه القناة في خبرها, أن المتظاهرين كانوا بعضا من المجموعات, تتألف من أعداد تتراوح ما بين 400 و500 فرد, وإن أكثر مجموعة ضمت زهاء 2000 متظاهر, ولم تذكر المحللة وقناتها الاخبارية, إن المعارضين استغلوا فترة الأعياد, وتحاشد الناس للتسوق قبيل حلول تلك الأعياد, وتحضيرا للسفر إلى الخارج, بالنسبة الى المقيمين والمواطنين الراغبين, باستغلال إجازة عيد الأضحى في السياحة.
كما أن شارع الخليج العربي, الذي توجد به ما تعرف بساحة الإرادة, هو شاطئ بحري يرتاده الناس للتفسح, كان أن وجدت العائلات نفسها محشورة وسط المتظاهرين, الذين أنغمسوا بينهم, مما حدى بقوات الأمن, أن قيدت حركتهم جميعا بإتجاه واحد, كان سببا ً في زيادة أعداد المتظاهرين.
ولعل القناة الفرنسية الأخبارية التي ذكرت, وفقا ً لمراقبين مستقلين لم تسمهم, كي نتعرف على حياديتهم, أن عدد المتظاهرين بلغ نحو 45 ألف متظاهر, وهو عدد يمكن تصديقه, إذا أحتسبنا أعداد العائلات المرتادة للبحر, والتسوق للعيد والسفر, لأن كثيرا ممن نعرفهم, لم يذهبوا لمسيرة كرامة وطن الأولى, بما فيهم رموز المعارضة ذاتهم, الذين ظهروا أمام بيوتهم, تحيط بهم مجموعة من أتباعهم, يحتسون القهوة.
كما أنني أعرف بعض الأفراد المسافرين الى خارج الكويت, وكانوا يقولون بأنهم متواجدون في حديقة البلدية, وساحة الإرادة وغيرهما. وتحريا ً مني للدقة والأمانة بالنقل, فقد أتصلت بقناة »بي بي سي« في لندن, وسألتهم عن صحة معلومة المئة ألف متظاهر, فأجابوني بأنهم لم يذكروا هذه المعلومة في أخبارهم, كما اتصلت بـ»الاخبارية الفرنسية«, وأبلغت أن معلومة المئة ألف, لم ترد في قناتهم, لهذا قطعنا الشك باليقين, قائلين للمعارضين لا تعيبوا على وزارة الداخلية, ما يعرف برصيف الطبطبائي, الذي يمكن تقبل وقائعه, قياسا بأكذوبة المئة ألف متظاهر, التي تثبت أن المعارضة ليست خالية من الكذب, بل محترفة تغرير الشباب.
* كاتب كويتي
com.Alwatani2002@yahoo
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق