أقدّر دافع كل من انتفض تأييدا للنائب السابق مسلم البراك.. وتصدى لرجال الامن، واعتدى عليهم.. فهو مما لاشك فيه يرى في النائب البراك حلا لمشاكله.. جزء كبير منهم يعيد له جميلا سبق ان قدمه لهم.. وآخرون كان البراك حلالا لمشاكلهم.. وغيرهم حصلوا بفضله على ما لم يفكروا يوما ان يحصلوا عليه.
أولويات التعيينات، واولويات العلاج في الخارج، وتوقيع المعاملات التي يأخذ اغلبها أحيانا اولويات غيرها من المعاملات القانونية التي لا تعرف الواسطات او تجاوز الآخرين.. وسياحة العلاج الاسرية.. كلها خدمات قدمها النائب السابق مسلم البراك لمعظم ان لم يكن كل من خرج لاجله.. ولكن على حساب من عالج هؤلاء في الخارج.. وعلى حساب من استمتعت الاسرة بكاملها في لندن وباريس وألمانيا، وهم يرافقون والدهم او والدتهم او ابنهم.. ومن يدفع رواتب من تم تعيينهم بواسطة البراك.. انها الحكومة، وليس حساب البراك الخاص.
المشهد يبدو كالتالي: خزان ماء كبير له تمديدات مختلفة.. واحدها او بالأحرى اكبرها ينتهي بصنبور ماء يمسك البراك بمحبسه.. يسقي الناس من ماء الحكومة.. فلا يشكر هؤلاء الا هو.. لانهم يشعرون بفضله، وكأنه هو من حفر قاع الارض، واستخرج الماء منه وسقاهم.. فهم لا يرون امامهم سوى مسلم البراك.
الواسطة والخوف من الصوت العالي والارتعاب من التهديد والاستجواب من دون وجه حق.. هي من صنعت من مسلم البراك بطلا.. وما دام الطريق مفتوحا للواسطة وتمرير المعاملات وتوقيعها من بعض الوزراء وكبار المسؤولين، فسيكون هناك عشرات مسلم البراك وعشرات التظاهرات، وعشرات المسيرات، وعشرات الضحايا لهذه المسيرات التي تنتهي بالصدامات، عندما يعتبر هؤلاء ان بطلهم لا يمس ولا يلمس.
إذن العدل والمساواة هما ما سيؤمن استمرار نزول الماء.. ومن ثم تنتفي اهمية اي عضو، سواء كان مسلم البراك او غيره.. يفك الصنبور ويغلقه وفق مصلحته.. وهذه المساواة وهذا العدل لا يكونان الا بتطبيق القانون على الصغير والكبير.. وعلى الغني والفقير.. وعلى الشيخ والمواطن البسيط.
هناك شريحة كبيرة من هذا الشعب لم تنتفع من البراك او من اي نائب غيره، لانها مؤمنة بالقانون، ومن ثم فهي تتحمل الانتظار والتعطيل والتعلم والتطبب على حسابها الخاص.. وتحتج على تردي الخدمات الحكومية.. ولكن باسلوب ابعد ما يكون عما عشناه وما رأيناه.
اوقفوا مصنع مسلم البراك.. واعيدوا احياء مصنع الحكومة باحترام وتطبيق القانون على الجميع.. حينها لن يجد البراك مجالا يصعد فيه على اكتاف الحكومة.. فيبقى انسانا عاديا لا يعطي اكثر مما تعطيه الحكومة، حينها ستتحول كل الولاءات الى جهة واحدة.. الى ماما حكومة.. التي ينطبق عليها اليوم المثل الذي يقول: الحكومة ثومة.. ماكولة ومذمومة.
إقبال الأحمد
iqbalalahmed0@yahoo.com
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق