لا يوجد في قانون الانتخاب الكويتي نص يعاقب الناخب الذي يقاطع أو يمتنع عن الانتخاب. فالناخب حر اذا شاء اقترع واذا شاء امتنع.
هذه الجزئية من الموضوع الانتخابي مهمة وينبغي ان تكون واضحة ومفهومة لعامة الناخبين وتحديدا للناخبين الحيارى أو المترددين ما بين المقاطعة واللامقاطعة ترشيحا وانتخابا.
المقاطعون أو الزاعمون بالمقاطعة يروجون ان مقاطعتهم للانتخابات عمل جبار وضربة للعملية الانتخابية وضربة للحكومة وللنظام وفشل مبكر للمجلس المقبل الذي سيكون لعبة بيد الحكومة.
هذا الترويج الخاطئ الذي يحشون به ادمغة اتباعهم لا ريب في ان الخاسر الاكبر فيه لا الحكومة ولا النظام ولا المجلس المقبل بنوابه وبشرائحه السياسية، بقدر ما يكون الخاسر الاكبر هو الذي يصدق كذبه المنافقين والمروجين ويمتنع عن الترشح أو الانتخاب، وبكلام اوضح نقول للمقاطعين والمحرضين ضد الانتخابات لن تفشل الانتخابات اذا سارت الامور سيرها الاعتيادي دونما تعرض للعنف أو التخريب، حتى اذا كانت نسبة المقترعين %100 أو %5 طالما الانتخابات حرة وخيار الانتخاب عائد للناخب، وللعلم نسبة المقترعين في كل الانتخابات الكويتية تأرجحت ما بين الـ%60 الى %70 ما عدا المجلس الوطني (غير الدستوري) الذي انخفضت نسبة الاقتراع الى نحو الـ%36، وفي البلدان التي تقدمت على الكويت ديموقراطيا لا تزيد نسبة المقترعين في افضل الاحوال عن الـ%36 الى %40 من التجمع الانتخابي الكلي، وعلى الرغم من ذلك لا طعون أو تشكيك عندهم في الانتخابات.
والآن دعونا نتأمل المشهد الذي يبدو عليه الوضع ما بين الدعوة للمقاطعة ومبررات المقاطعة وغير ذلك من الاسباب، فالمقاطعون اتفقوا على المقاطعة لكن اختلفت الاسباب، ولعل هذا الاختلاف بين دعاة المقاطعة يضعف مبررات المقاطعة، بل يجعلها عديمة الجدوى لكونها لا تراعي المصلحة الوطنية العليا، بقدر ما تخدم مصالح فئوية ضيقة أو شخصانية، فهل يعقل رضوخ المصلحة الوطنية العليا لمصالح ضيقة أو شخصانية..؟!!
نحن نقدر مدى حراجة الاغلبية المبطلة التي تسرعت في المقاطعة ورفضت التعديل الجزئي على قانون الانتخاب، كذلك نقدر مواقف الرافضين للتعديل من غير الاغلبية المبطلة ومقاطعتها للانتخابات، ولكن كل ذلك قطعا لا يبرر التغرير بالشباب والنزول الى الشارع والتصادم مع رجال الامن، ففي الاخير كلنا ابناء وطن واحد، وكان يجدر بالمقاطعين سلوك طريق الحوار والاقناع مع الحكومة، الا اذا كان ثمة اجندة خافية غير ما تلك المعلنة فتلك لعمري مسألة اخرى يجدر بالمعنيين فهمها..!!
ان المقاطعة ليست عملا بطوليا، ولا هي المدخل السوي للاصلاح السياسي ولا تجبر النظام للتراجع سيما ان تجربة المجلس المبطل على الرغم من قصر المدة كانت كارثية بمعنى الكلمة، لذا فإصرار المقاطعين على قانون الانتخاب قبل التعديل هو تعسف ووضع العصا في دولاب الاصلاح السياسي، وتصحيح الاخطاء التي شابت المسيرة الانتخابية.
ان الاجندات المختلفة والمطالبات المتعددة التي نزلت دفعة واحدة، لم تقدر الظروف المحلية أو الاقليمية التي تمر بها المنطقة، وهذا ما يجعلنا ان نتساءل وبحيرة ماذا وراء ذلك، ومن المستفيد من زعزعة الامن الكويتي؟
نعود الى السؤال لماذا المقاطعة ومن المستفيد من المقاطعة، فالانتخابات لن تفشل، لن تفشل سواء اذا وصلت نسبة المقترعين الى %100 أو %5 طالما لا يوجد في قانون الانتخاب النظام النسبي، واذا ما اخذت العملية الانتخابية سيرها الطبيعي.
ان الانتخابات مشاركة وطنية واستجابة للتغيير، وكلما كانت نسبة المشاركة عالية، كانت فرصة الاختيار افضل، لذا فتبريرات المقاطعة التي يروج لها المبطلون واهية وكاذبة ومضللة وغير جديرة بالنظر، لأن المبطلين قد توهقوا ويبون يوهقون الناس معاهم شايفين المقاطعة بطولة…!
لكن فطنة المواطن سوف تفوت على المروجين للمقاطعة اكاذيبهم…
حسن علي كرم
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق