داود البصري: السيد المهري وسيطرة الجماعات الإسلامية في الشرق ?


للوكيل العام للمرجعيات الشيعية في الكويت السيد محمد المهري, كما أسلفنا أكثر من مرة, طلعات إعلامية دائما تثيرالحيرة والتساؤلات وترفع علامات الإستفهام إضافة الى الضغط والسكري لدى البعض. ونحن بطبيعة الحال لسنا منهم , فقد اطلق اخيرا سلسلة من التصريحات بعضها يمس أمورا وفتاوى شرعية لاعلاقة لنا بها, ولن نناقشها لكونها خارج اختصاصنا واهتمامنا , ولكن ما أتوقف عنده حقيقة مسألتين جوهريتين هما أولا : نفيه التام لأي لقاء شخصي مع رئيس النظام السوري , ونفيه كذلك لحكاية “الحلم المقدس” لسيف ودرع الإمام علي الذي يحمي عرش بشار الاسد وهو نفي نصدقه بكل تأكيد رغم تأخر إعلانه لاشهر عديدة ولأسباب لانفهمها, وإن كنا نحيط بالجوانب والحيثيات الموجبة لذلك! أما المسألة الثانية فهي تحفظه المطلق على الإجابة عن سؤال يتعلق بمقتل المدنيين والأبرياء على يد قوات وعصابات أمن النظام السوري, وهي المسألة التي يتابعها العالم بأسره على الهواء مباشرة, ولكنه تحفظ في الإجابة ورفض الاسترسال! ولربما لأسباب تكتيكية وموضوعية وذاتية ومرجعية محض نستطيع فهم التحفظ وعدم الإجابة, وهو موقف قد يتغير إن تغيرت الأوضاع الميدانية على الأرض السورية , فكل الاحتمالات ممكنة , ولكن العجب العجاب لايكمن في التصريحات المرتبطة بالوضع السوري العام والخشية من اندلاع نيران الحرب الأهلية رغم أنها واقعا قائمة حاليا وبشكل ممنهج وسلطوي, وبأسلوب فاشي معروف, فالبعثيون كما يعرف سماحة السيد المهري خبثاء للغاية وهم لايرحلون أبدا قبل إشاعة الخراب, وقد قالها زعيم الفرع العراقي النافق صدام حسين منذ سنوات “لن نسلم العراق إلا أرض من دون شعب”! وهاهو بشار الاسد يسير على خطى وتعهدات رفيقه اللدود البائد.
المهم إن مبعث العجب والحيرة في تصريحات المهري بجوانبها السياسية, وليس الفقهية والشرعية, هو ذلك التصريح “القنبلة” المتعلق بخشيته من سيطرة الجماعات الإسلامية السياسية في الشرق الأوسط بعد ربيع الثورات العربية, ويقصد جماعة الإخوان المسلمين والتيار السلفي! , ومن الغريب إن المهري, وهو يتخوف من هيمنة تلك الجماعات تناسى تماما حقيقة وقوع البلدان العربية, والمشرقية حاليا تحت ظلال سيوف ومدافع الجماعات نفسها وإن تغيرت الديكورات! وأعتقد إن سيطرة جماعة المالكي في العراق, وهو قائد لأحد فروع “حزب الدعوة” الإيراني الأصل و النشأة والولاء, هو تمهيد ميداني لسيطرة الإخوان المسلمين على مناطق مشرقية أخرى , والمهري يعلم علم اليقين والخبرة الميدانية ان “حزب الدعوة” الإسلامية هو في الحقيقة النسخة الشيعية المنقحة و المزيدة لجماعة الإخوان المسلمين السنية! وإن أدبيات “الإخوان” العقائدية وفي طليعتها تفسير سيد قطب الحركي للقرآن الكريم ( في ظلال القرآن ) هي من المصادر الفكرية المحترمة والمعتمدة لدى كوادر حزب “الدعوة” وفي مدارسه التثقيفية! أي أن الإخوان المسلمين بنسختهم وطبعتهم الشيعية هم من يحكم العراق اليوم, ويحاولون إقامة ديكتاتورية إستبدادية مقدسة تحت ذرائع دستورية واهية, ويهمشون كل القوى المتحالفة معهم! ولو تركنا حزب “الدعوة” جانبا , فماذا عن التنظيم الآخر الذي يعتبر السيد المهري أحد مؤسسيه الفاعلين الأوائل وهو “المجلس الأعلى للثورة الإيرانية في العراق ” المؤسس من قبل السلطات الإيرانية عام 1981 والذي إستبدل إسمه اخيرا بالمجلس الإسلامي العراقي “الإيراني”! هل هو مجرد جمعية خيرية و إنسانية ? أم أنه تنظيم سياسي له رؤية طائفية ومذهبية ودينية واضحة وصريحة يدعو الى اقامة الدولة الدينية على النمط الإيراني في العراق , ومن ثم دول الجوار كبعض دول الخليج العربي, مثل مملكة البحرين والمنطقة الشرقية من السعودية!وهذه ليست أسرار دفينة, بل حقائق ميدانية معروفة! ثم ماذا عن تنظيمات “حزب الله” الإيرانية بدءا من بيروت وليس انتهاء بالبصرة أو المنامة, أليست جميعها تنظيمات دينية تهدف للهيمنة على السلطة, أم أنها مجرد فرق مسرحية تردد أناشيد المظلومية وتمارس اللطم فقط لاغير?
ثم وهذا التساؤل الأهم والأكبر ماذا عن القاعدة الكبرى ممثلة في النظام الديني القائم في إيران, وفق نظام ولاية الفقيه, والذي يمارس أبوته ووصايته على التنظيمات السياسية الدينية التابعة له في الشرق القديم, ? ألا يمارس السيطرة السياسية بجوانبها وحمولاتها الدينية والطائفية المباشرة ? فلماذا يتخوف المهري إذن من سيطرة مفترضة للإخوان المسلمين أو الحركات الدينية الأخرى, طالما أن الشرق واقع تحت ظلال تلك الحركات الدينية والسياسية ?
أعتقد إن على سماحة السيد المهري الإجابة والتوضيح بأسرع وقت ممكن إحتراما لعقول القراء على الأقل.
* كاتب عراقي

dawoodalbasri@hotmail.com

المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.