واجهنا كل جبهات الشتم والتخوين والإرهاب من طهران إلى دمشق وبيروت
استشرفنا مجالس التأزيم وحذرنا من الزحف على صلاحيات الحكومة منذ سنوات
كتب ـ أحمد الجارالله:
44 عاما مضت على”السياسة” في صدورها اليومي, ليست لحظة عابرة في تاريخنا كمؤسسة, فتلك السنوات لم تكن سهلة ابدا, بل شهدت الكثير من الجهد والتعب, وخضنا فيها غمار مئات القضايا, ورفعت علينا مئات الدعاوى القضائية, وفيما نلنا بغالبيتها البراءة, جرمنا في بعضها, لكن ذلك لم يفت في عضدنا, ولم يثننا عن متابعة الطريق الذي شققناه, بل كان ذلك الحافز الاول لنا على التطور التدريجي ومواكبة كل جديد في عالم صناعة الصحافة.
طوال السنوات الماضية لم تكن المنافسة أمرا بسيطا, فمع صدور كل صحيفة زميلة, أكانت جادة أم صدرت لمآرب ما, كانت ترتفع حدة المثابرة, الا اننا حافظنا على استقرارنا ولم نتراجع, وصمدنا, بل ان الصمود والمواجهة اصبحا خبزا يوميا عندنا.
غالبية القضايا المحلية والاقليمية والعربية التي طرحت على صفحاتنا لم تكن تمر مرورا عابرا عند الناس, فهناك من كان يتوقف مطولا عندها وينتقدنا بداية, لكنه يعود بعد حين ويؤكد على صدق ما طرحنا, فمنذ سنوات حذرنا من انحدار مستوى العمل النيابي في الكويت وقلنا اننا مقبلون على مجالس امة يغلب عليها التأزيم ويراد من خلالها الزحف على صلاحيات السلطة التنفيذية, وها هي الامثلة المؤكدة لما استشرفناه ماثلة امامنا. وقفنا مع مصر حين ابتعد عنها العرب اثناء حكم الرئيس الراحل انور السادات, ويومها اتهمنا بالخيانة والعمالة, واننا “قبيضة”, وان القاهرة تدفع لنا, في حين كانت عاصمة المعز تعيش حصارا خانقا وتحتاج من يدفع لها, ولكن بعد فترة عاد العرب الى مصر معلنين صواب موقف الرئيس السادات, وصواب موقفنا.
كذلك وقفنا ضد المسار السوري في تحالفاته مع بعض قوى الاقليم في ما يخالف التوجه العربي العام, ويومها فتحت علينا كل جبهات الشتم والتخوين من المستفيدين من النظام السوري بدءا من لبنان مرورا بالعديد من العواصم العربية, والآن ها هو العالم العربي كله يتأكد, بالبرهان الملموس, من صدقنا في ما ذهبنا اليه, وليس بعيدا من ذلك موقفنا من السياسة الايرانية في المنطقة, الذي ايضا كان مصدرا لحملات تحريض وشتائم علينا من بعض العرب المستفيدين من نظام طهران الذين اشهروا السيوف بوجهنا, ولكننا لم نحد قيد انملة عن قناعتنا, فيما العديد غيروا مواقفهم.
كل هذا النقد جعلنا اكثر قوة واحتمالا, وكما يقال”اصبحت اكتافنا عريضة اكثر وتتحمل اكثر”, بل ان ارهابا بشعا مورس علينا حيال موقفنا من بعض القضايا العربية ولم نخن قناعاتنا.
طيلة السنوات الماضية, كنا نخوض الحرب على جبهتين, الاولى في الدفاع عن الحق والحقيقة, وفي الثانية التطوير التقني والمهني, تقنيا في عملية التحديث المستمرة لمؤسستنا و مطابعنا واجهزتنا وبرامجنا التي هي الاحدث طرازا, ومعماريا ايضا في التوسع الدائم لاستيعاب التقنيات الجديدة والزيادة في عدد العاملين في المؤسسة, وكل ما يؤمن الراحة لكوكبتنا التي هي ايضا تخضع لتطوير في الاداء والكفاءة.
ها هي”السياسة” اليوم المؤسسة التي اصبح لها مركزها المرموق في عالم الصحافة والصناعة الاعلامية, باتت لها شقيقاتها, وبقية الخدمات الاعلامية, ولا سيما في مجال النشر الالكتروني, حيث موقعنا وفي غضون ثلاث سنوات زاره اكثر من 90 مليونا من مختلف انحاء العالم, من عرب وغير عرب منتشرين في شتى اصقاع الارض.
شقيقات “السياسة” ايضا لها الصدى نفسه عند الناس, فكما هناك اقبال على الصحيفة العربية تجد الـ”اراب تايمز” اقبالا من الناطقين بالانكليزية, وتحقق يوميا نجاحات, بالاضافة الى الاقبال المتزايد على مجلة “الهدف” الشهرية.
هذا النجاح طوال العقود الماضية تترجمه “السياسة” اليوم في طي صفحة من تاريخها وفتح صفحة جديدة لعام جديد من التحدي والمثابرة والتطور والاستمرار على النهج الذي اختطته لنفسها.
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق