نص لقاء صلاح العتيقي مع القبس

قدّم مرشح الدائرة الثانية الدكتور صلاح عبد اللطيف  العتيقي رؤيته الانتخابية المتعلقة بالقطاع الصحي بالبلاد، التي رأى فيها ضرورة القيام بترتيبات عاجلة تعمل على معالجة الوضع الحالي حيث اعتبر أن مراكز صنع القرار في وزارة الصحة هرمت، وتعكس بامتياز الوضع السائد والعجز المستفحل في التحرك نحو المستقبل، موضحا أن العمليات الارتجالية التي تقوم بها الوزارة تدعو إلى الأسى.

 وبيّن العتيقي أن تنفيذ هذه الخطة متوسطة المدى سيصل بنا إلى عام 2020، ونحن في وضع صحي أفضل بكثير من وضعنا الحالي ويقارب أن يضعنا في مصاف دول العالم المتقدم في هذا المجال،

  وقال العتيقي إن وزارة الصحة كانت تُدار قبل الغزو ببساطة شديدة، وعبر ثلاثة وكلاء مساعدين ووكيل اصيل وكانت الامور في غاية الانضباط والروعة، أما الآن فهناك 14 وكيلا يتنازعون السلطات، وبينهم ما صنع الحداد.

  وفي تفاصيل لقاء العتيقي مع صحيفة القبس:

    • لماذا يغلب على ملاحظاتك المرتبطة بالقطاع الصحي الطابع السلبي؟

  ــــ يتساءل كثيرون عن الطابع السلبي الغالب على وزارة الصحة، بالرغم من الجهود الحثيثة التي يبذلها بعض المسؤولين والقائمين على العمل، وبالرغم من الميزانيات المتعاظمة سنة بعد أخرى، كما يتساءلون كيف أصبحنا في مؤخرة ركب الدول المجاورة، ولا أقول المتقدمة، فهذا بعيد المنال، ولماذا اصبحنا نبعث بمرضانا إلى كل اصقاع الارض بعد ان كان الآخرون يأتون للكويت للعلاج لسمعتها الطيبة السابقة في هذا المجال.

  أستطيع القول وبكل ثقة إنها مسؤولية القيادة وإدارة الدفة، إنها الفرق ما بين العلم والجهل، إنها الاختيار غير الموفق في اغلب الاحيان، انها المعايير المفقودة لمن يتولى المناصب القيادية، انها انعدام التخطيط وغياب الاستراتيجية.

  ان مراكز صنع القرار في الوزارة هرمت، وتعكس بامتياز الوضع السائد والعجز المستفحل في التحرك نحو المستقبل. فالعمليات الارتجالية التي تقوم بها الإدارة تدعو إلى الرثاء، فالتطوير لديهم هو تدوير المديرين وتغيير مراكز القياديين وترقية بعضهم اعتمادا على معايير فاسدة عفا عليها الزمن، كالولاء والانتماء الحزبي والعائلي والتبعية القبلية والطائفية.

  علاوة على «أحب هذا وأكره ذاك» من دون اللجوء إلى المعايير الموضوعية، كالخبرة ومدى كفاءة الشخص ومساهمته لدفع عجلة التطوير والارتقاء بها كمّاً ونوعاً.

  هذا التهميش والإهمال لهذه المعايير أدى الى الإحباط وعدم الاكتراث لدى الكثيرين ممن يستحقون أن يتبوأوا المراكز التي تليق بخبراتهم وشهاداتهم.

   بساطة شديدة

  • كيف أصبحنا كذلك اليوم، بينما كان القطاع الصحي متطورا في فترات سابقة؟

  ــــ وزارة الصحة كانت تدار قبل الغزو ببساطة شديدة، وعبر ثلاثة وكلاء مساعدين ووكيل اصيل، وكانت الامور في غاية الانضباط والروعة، أما الان فهناك 14 وكيلا يتنازعون السلطات، وبينهم ما صنع الحداد.

  ومنذ الفترة اللاحقة على الغزو العراقي لم توفق الوزارة بوزير لديه اختصاص بالإدارة الطبية، فمعظم من أتى من الوزراء ليس لديهم فكرة عن الطريق الذي يسلكونه لينتهي بهم المطاف بأول متسلق أو منافق يصادفونه بالوزارة، ليرتقي فوق الجميع، ولتبدأ سلسلة التخبط والضياع مرة أخرى.

 هدر الأموال

  • وبماذا تشخص وضع وزارة الصحة اليوم؟

  ــــ لقد أهدرت أموال كثيرة في توافه الأمور وتركت الخدمة الأساسية لعدم وجود أولويات أو تخطيط، فكل الجهود منصبة لحل المشاكل اليومية.

  ولن نتكلم عن مئات الملايين التي صُرفت على العلاج بالخارج، فهذه تحتاج إلى مجلد كامل، هذا السلوك الخطر أدى للكثير من المعوقات لمقدمي الخدمة ومتلقيها.

 دعوني أتكلم بإيجاز عن الخدمة الصحية، التي كانت بأعلى المستويات، ولكنها تردت لغياب الرؤية المستقبلية للخدمات.

 فمنذ عشرات السنين لم يُبنَ مستشفى واحد جديد، ومعظم التجديدات التي ترونها في المستشفيات قام بها بعض المحسنين. انظروا إلى أقسام الحوادث في المستشفيات لتروا العجب العجاب، المرضى يتكدسون ساعات طويلة بانتظار سرير في غرفة لا يميزها شيء سوى أنها عزيزة في بلد حباه الله بكل مقومات النجاح.

  انظروا للأشعة والمختبرات والصيدليات في كل جانب، هناك مأساة يطول الحديث عنها. انظروا للمواعيد التي تصل إلى شهور لرؤية اختصاصي أو استشاري في أحد المستشفيات.

  لا أريد ان اطيل عليكم، ففي كل زاوية من الخدمة شؤون وشجون، فإذا أضفنا إلى ذلك انعدام البحوث العلمية والعمل الأكاديمي، نرى اننا نسير إلى الخلف، بينما تسير دول الخليج والعالم إلى الأمام.

   تردي الخدمات

 • وكيف يكون الخروج من هذه الحالة برأيك؟

 للخروج من مأزق تردي الخدمات نحن نحتاج لولادة أنظمة جديدة وافكار جديدة ورؤية جديدة ورجال جدد، وكذلك لقرار شجاع من اعلى المستويات وبخطة لا يمكن النكوص عنها في اول عقبة تصادف المسؤول او اي تشكيل وزاري جديد، ان التاريخ يعلمنا ان الذين يستطيعون ان يأخذوا المستقبل بعين الاعتبار هم الذين يتوقون مفاجآته ويبلغون غاياته.

يجب من الان الالتزام والتصميم على الدور المؤسسي في إدارة الخدمات، بمعنى عدم الاعتماد على الأشخاص في تسيير دفة العمل ودورها في حل المشاكل، بل على النظام السلس المخطط له تخطيطا سليما وان لا تكون الادارة هي إدارة ردود الافعال، بل إدارة مبادرة لتلافي المشاكل قبل وقوعها والاعتماد على نظم متطورة لبيانات شاملة تعتمد على تحليل الارقام والاحصائيات.

 وللوصول لهذا الهدف، نحتاج إلى خطة لدراسة الوضع الحالي كمنطلق وتوجيه جميع الموارد المالية والبشرية لتنفيذ هذه الخطة، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، والا يكون هناك عائق ما بينه وبين صاحب القرار، آخذين بعين الاعتبار البيروقراطية وكيفية القضاء عليها، والانتباه للاستخدام الأفضل للحوادث والادوية والمختبرات والاشعة والاهتمام بالتعليم الطبي والبحوث الطبية والاهتمام والرعاية الصحية الاولية والتوعية الصحية للمواطنين لضمان عدم اساءة استخدام هذه المرافق.

الاستعانة بالخبراء

  • وهل لديك مقترحات محددة في هذا المجال؟

  ــــ اقترح تشكيل فريق عمل متخصص يستعين بخبراء من الولايات المتحدة، لاسيما جامعة هارفرد او جونز هوبكنز لوضع خطة متكاملة للنهوض بالخدمات الصحية وتسخير جميع الموارد الموجودة من مستشفيات ومراكز صحية ومعاهد بحثية وتمريضية مع الاستعانة بخدمات بعض الوزارات ذات الصلة، كما أقترح العمل على تنفيذ خطة هادفة من خلال إطار زمني محدد.

  • وكيف يكون تنفيذ ذلك ممكنا؟

  ــــ لتنفيذ هذه الخطة اقترح ان تكون الاهداف المراد الوصول إليها في عام 2020 هي:

  ان يزداد معدل الحياة من دون امراض معوقة في حدود 10 في المائة وان لا يقل متوسط العمر عن 80 سنة اسوة بالدول الغربية.

  ان تختفي جميع الامراض الوبائية لاسيما ما يتعلق بالأطفال كالحصبة والشلل والدفتيريا وغيرها.

  وان تقل وفيات الامراض السرطانية إلى أقل من 15 في المائة لمن تقل اعمارهم عن 65 سنة.

  وكذلك ان تقل الوفيات نتيجة امراض الجهاز الدوري تحت 65 سنة الى اقل من 15 في المائة، وان تقل وفيات الحوادث بمقدار لا يقل عن 25 في المائة لحوادث الطرق والمصانع والبيوت.

  وان يكون هناك انخفاض للسلوك الخطر لدى الافراد كالكحول والمخدرات والاستعمال المفرط للأدوية والتدخين.

  اضافة الى تقديم الخدمات الاولية في المناطق الصحية بها من التخصصات الوقائية والعلاجية والتأهيلية والخدمات المساعدة الاساسية لتحسين نمط الحياة آخذين بعين الاعتبار المعرضين للخطر.

  وان يكون العمل في مراكز الصحة (المستوصفات) تعاوني وله الاولوية بين مقدم الخدمة والمستفيد منها كالأفراد والعائلات وافراد المجتمع المدني.

  وان يتناسب عدد الاسرة في المستشفيات مع عدد السكان بحيث لا يكون هناك عائق لدخول المريض كما هو حاصل الآن.

  وأيضا الا يكون هناك عائق مادي او ادبي لحصول الفرد على خدمة جيدة مهما كانت جنسيته او أصوله او وضعه الاجتماعي.

  وان يحصل جميع المواطنين على ماء نظيف وبحر نظيف وهواء نظيف غير ملوث وطعام خال من المواد المضافة والمسرطنة.

  وان يكون هناك سلوك عام بالحفاظ على البيئة الخالية من الملوثات مع الحرص على ان يكون الجميع مشتركين في هذه الحملة.

  وان تضع الدولة اماكن علمية لرصد الملوثات التي تؤثر في صحة الانسان كالمواد البيولوجية مستعينة بتشريعات خاصة للتخلص من النفايات في اماكن العمل.

   القطاع الخاص

  • وما المتطلبات اللازمة لإنجاح هذه الخطة؟

  ــــ لنجاح هذه الخطة يجب ان تتضافر جهود جميع الوزارات والهيئات والقطاع الخاص من خلال تشريعات تضمن الارتقاء بالصحة ونمط الحياة والتأكد من انخراط الجميع في هذه الخطة، وان يواكب هذا النشاط برامج تعليمية في المدارس والكليات والمعاهد لضمان سلوك صحي ومعرفة سليمة للأمور المؤثرة في حياة الانسان مع وجود حوافز للأفراد والجماعات.

  وهذه بعض الافكار التي كنت آمل الوصول إليها وارجو ان تتحقق ومن دونها فعلى الصحة السلام.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.