خالد الجنفاوي: “مقاطعة” تفتقد إلى البراهين والأدلة المنطقية

“يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ” (البقرة- 269).
لن يقتنع الإنسان الواعي بأي فكرة و بأي طلب من شخص معين, ولن يؤثر عليه أي محاولة انفعالية لاقناعه بأمر, ما دام الطرف الآخر يركز فقط على مناشدة قلب وعواطف مستمعه, بينما يهمل وربما بشكل متعمد مخاطبة عقله, فهناك جانب ملاحظ من “خطاب المقاطعة” يبدو انه يتخذ اللغة العاطفية والانفعالات النفسية المبالغ فيها جسوراً ركيكة بهدف تغيير قناعات بعض الناس حول مشروعية واستحقاق مشاركتهم في الانتخابات البرلمانية, ولكن في عالم اليوم, تعيش غالبيتنا كأفراد وكمواطنين في عصر تطور فيه الوعي السياسي لدى عامة الناس حتى أصبح كثير منهم يفرق بين الخطاب العاطفي والتفكير العملي. فإنسان اليوم, وخصوصاً المواطن الكويتي الحق, يدرك أنه ينتمي لمجتمع مدني منظم وقانوني, ولذلك لن يؤثر عليه سلباً خطاب العاطفة والانفعالات, فما يستخدمه المواطن العادي في حياته اليومية هي آليات التفكير المنطقي والتوقعات التي تلامس ما يحدث في الحياة الانسانية اليومية والواقعية, ومن هذا المنطلق, فيصعب تصور نجاح خطاب المقاطعة في إقناع اولئك الأفراد الذين يتعاملون بشكل منطقي وعملي مع ما يجري في حياتهم اليومية وما يجري في مجتمعهم الوطني.
إضافة إلى ذلك, لا أعتقد شخصياً أن خطاب المقاطعة سيؤثر سلبياً على من يرغب المشاركة في الانتخابات, وذلك على ما يبدو بسبب ارتكاز هذا النوع من الخطابات الرنانة على لغة مجازية لا تلامس أحياناً كثيرة الواقع المحلي, وربما تستند أغلب الوقت إلى إصدار التعميمات والمبالغات حول الأوضاع المحلية. فلم يكشف وحتى الآن بعض من يستخدمون خطاب مقاطعة الانتخابات عن براهين وأدلة أو حجج منطقية تشرعن عدم المشاركة في الانتخابات, ولو حاول المراقب المعتدل استخدام أبسط معايير القراءة السياسية النقدية والمتأنية وحاول تطبيقها على خطاب المقاطعة فسيكتشف مباشرة ما يبدو غياباً واضحاً للحقائق وللأرقام وللأدلة المقنعة.
سأشارك في الانتخابات البرلمانية وسأحضر ندوات المرشحين لمجلس الأمة وسأصوت انتصاراً للدستور وللمواطنة الكويتية الحقة. وسأشارك انتصاراً لعقلي ولتفكيري المنطقي, فلقد مللت من محاولات البعض لاستثارة انفعالاتي العاطفية تجاه القضايا المحلية, من دون تقديمهم حلول عملية لتحدياتي اليومية كمواطن كويتي. ولا أعتقد أن خطاب المقاطعة يطرح خيارات أكثر منطقية أو عملية من المشاركة الفعالة في بناء حاضر ومستقبل الكويت. والله المستعان.
* كاتب كويتي

khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.