ذكرت الأنباء المتواترة أن مجلس الوزراء الكويتي بصدد مشاريع شعبوية من أجل كسب ود المواطنين في ظل الأزمة السياسية الراهنة ذات الصلة بالنظام الانتخابي. ولا شك في أن استخدام آليات وأدوات الإنفاق الجاري في بلد مثل الكويت لم يعد جديدا أو مستحدثا وقد تم اللجوء إلى ذلك خلال السنوات الماضية بعد أن تزايدت إيرادات البلاد السيادية المتأتية من مبيعات النفط. وعلى الرغم من تقديري بأن هذه الأنباء ربما تفتقر إلى الدقة فإن توظيف الإنفاق العام من أجل تحقيق مكاسب سياسية يظل مغامرة خطرة وذات تأثيرات سلبية على منظومة القيم المجتمعية وعلى مصالح البلاد الاقتصادية. إن من الحكمة وفي ظل تطورات سياسية مستحقة وقدوم انتخابات قد تمكن من انتخاب أعضاء جدد يختلفون عن الأعضاء القدامى في المجالس السابقة أن يحدد مجلس الوزراء تصورات منهجية لعملية التنمية الاقتصادية تعتمد على بناء إمكانات اقتصادية مستقرة والتأكيد على أهمية التنمية البشرية المستحقة في البلاد. إن الكويتيين الذين يمثلون أقل من ثلث سكان البلاد ولا تمثل قوتهم البشرية أكثر من 16 في المائة من إجمالي قوة العمل في البلاد يجب أن يستنفروا من أجل المساهمة في عملية تنمية مستدامة تمكنهم من صناعة الثروة وتحسين القدرة على تنويع القاعدة الاقتصادية.. وعلى الرغم من صعوبة مثل هذا التحدي فإنه يمثل قضية محورية في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
الكويت تشهد اليوم تحولات في المزاج العام السياسي، ويشكل الشباب وصغار السن نسبة عالية من المواطنين، بما يعني أهمية الانتباه لمستقبلهم ومتطلبات تنمية أوضاعهم وتحسين مشاركتهم في الحياة الاقتصادية. قد يرى البعض أن الكويتيين يتمتعون بأحسن المداخيل على المستوى العالمي وينعمون بخدمات مهمة تنفق عليها الدولة ولا تتفشى البطالة بينهم، غير أن هناك مشكلات محسوسة وغير مرئية تعاني منها فئات واسعة في المجتمع. إن تراجع الخدمات التعليمية والصحية وتخلف الإدارة الحكومية وتدني أداء البنية التحتية والمرافق تؤكد على أهمية بذل الأموال في قنوات الإنفاق الرأسمالي. كما أن تراجع دور القطاع الخاص ومعاناة مؤسساته في السنوات الأخيرة يؤكدان أهمية البحث عن المعالجات التي تعيد لهذا القطاع الخاص حيويته. وغني عن البيان أن مراجعة التشريعات والأنظمة تمثل خطوة مهمة في عمل الحكومة ومجلس الأمة القادمين بالإضافة إلى البحث عن وسائل تنشيط عمليات إنجاز المشاريع وخلق فرص العمل الحقيقية للمواطنين. وإذا كانت طروحات المرشحين لعضوية مجلس الأمة خالية من البرامج الاقتصادية الواضحة فإن ذلك ليس جديداً، فقد ندرت البرامج الاقتصادية التي يطرحها المرشحون، في جميع الانتخابات السابقة. وتؤكد هذه الحقائق السياسية أهمية مبادرة مجلس الوزراء بتقديم برامج محددة والتأكيد على المشاريع التي سبق طرحها وضرورة تفعيلها وتعزيز عملية الإصلاح الاقتصادي.
عامر ذياب التميمي
باحث اقتصادي كويتي
ameraltameemi@gmail.com
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق