مؤسسات المجتمع المدني عادة ما تقوم على التنمية البشرية، كل مؤسسة حسب تخصصها، على ان يتركز عملها على زرع مفاهيم الحقوق والواجبات والتوعية بالقوانين واسس الديموقراطية، وذلك من خلال الندوات والدورات والمهرجانات الخطابية والمؤتمرات والمشاركة في الأحداث المحلية والعالمية، وفق علاقة الحدث بالاهداف الأساسية لكل جمعية نفع عام أو مؤسسة مجتمع مدني.
والجمعيات النسائية من أكثر مؤسسات المجتمع المدني اهمية وتفاعلا مع التطورات المحلية، كما كنا نراه في السنوات السابقة، خصوصاً في مثل الاحداث التي نعيشها اليوم. فالانتخابات المقبلة عليها الكويت هي مشاركة بين المرأة والرجل، وهي مسؤولية المرأة والرجل.
وبعد مشوار المد والجذر والعمل الشاق، الذي عاشته المرأة في الكويت، إلى أن حصلت على حقوقها السياسية، وبعد التضحيات والتحديات طوال 30 سنة الماضية، في ظل تصد اسلامي ومحافظ لكل خطوة ايجابية تقوم بها المرأة أو أي محاولة يقوم بها رجل مناصر لها داخل مجلس الامة او خارجه، حين فشلت كثير من المحاولات لمنح المرأة حقها السياسي منذ الستينات، حتى حين قدمها سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الاحمد، رحمه الله، قضى المناوئون لحق المرأة والظالمون لها، الذين لا يرون فيها سوى مخلوق يحمل ويلد ويربي، لا رأي له ولا قرار، الى ان نجح هذا الحق بجهد، وكما نقول «بطلعة الروح»، وبفارق بسيط جدا حين تم التصويت عليه عام 2005.
بعد هذا التعب وهذا المشوار تقف نساء الجمعيات النسائية سلبيات، مكتوفات الايدي، ينظرن من بعيد لما يجري، وكأن الأمر لا يعنيهن بأي شكل من الاشكال، باعتبارهن اكثر من نصف المجتمع. وتوجه الجمعية التي تمثلها كما تريد وكما تحمل من أفكار وكما ترى الصح من جانبها. في الوقت الذي يجب ألا يغيب دورها في الجمعية في أي ظرف من الظروف. وبالعكس، كلما تعالت عن المواقف الشخصية والخاصة ووضعت نفسها في مكان وسط متجرد من أي عواطف، لان النظام التأسيسي لأي جمعية لا ينص في أي بند من بنوده على المواقف الخاصة.
انا اتساءل: ماذا سيكون الوضع لو ان رئيسة الجمعية، أي جمعية، كانت مع المشاركة والنائبة ضد المشاركة، وكل واحدة منهما تريد ان تفرض رأيها؟ اما اذا كانت الموضوعية هي الموقف السائد، فالرئيسة والنائبة سيشرفان على ندوة محايدة تستضيف من يؤيد وتستضيف ايضا من يعارض في جو من الاحترام والالتزام.
أفهم ان بعض القيادات النسائية في بعض الجمعيات النسائية لهن مواقف محددة ازاء ما يجري، وهن يأخذن موقفا شخصيا منه، غير انه لا يحق لهن أبدا، واكرر ابدا، ان يسقطن رأيهن الخاص على نشاط الجمعية التي يتحملن مسؤولية ما فيها. فالانتخابات هي مشاركة في حق سياسي، وهي حق دستوري لا بد من الوقوف عنده بغض النظر اذا كنت انا مع او ضد، او رئيسة الجمعية او بعض اعضاء مجلس الادارة او مسؤولة فيها مع أو ضد.
يفترض ان تقوم هذه الجمعيات، وانا اتحدث عن كل الجمعيات بكل توجهاتها ولا أخص واحدة، بدورها في توعية النساء بالحق السياسي، خصوصاً في ظروف كالتي نعيشها، حيث ينقسم المجتمع بين من هم مع ومن هم ضد، كأن تقام ندوات تستضيف كل الاطراف، ويترك القرار للمواطنين من النساء والرجال، واخص هنا النساء باعتبار ان هناك جمعيات تعنى بالمرأة. لا ان تنام الجمعيات النسائية لمجرد ان من تتولاها لا يعجبها ما يحدث، واخذت موقفا متحيزا عكسته على نشاط الجمعية، الذي افل معها ايضا، بانتظار ان تكون النتائج النهائية على خاطرها وتسرها، حينها يفتح باب الجمعية مرة اخرى وتدور عجلة النشاط فيها.
إقبال الأحمد
iqbalalahmed0@yahoo.com
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق