الفردية في العمل السياسي المحلي أدت في كثير من الأحيان إلى تضييع فرص تاريخية للإصلاح السياسي في البلاد، فقد كانت هناك منعطفات تاريخية في تاريخنا السياسي كان بالإمكان أن تتحول إلى مشاريع إصلاحية ضخمة تنتشلنا من قاع اليأس والإحباط الذي يكاد يشل جميع أوجه الحياة، لكن للأسف فوتنا تلك المنعطفات وبقينا على حالنا.
الفردية تسمح للفكر الانتهازي أن يسود رغم أن ذلك الفكر لا يبحث عن مصلحة وطن أو مصلحة شعب، بل كل ما يريده أن يبقى كما هو في الواجهة حتى ولو كان الثمن تهاوي كل القيم والمبادئ التي تعب المؤسسون الأوائل في تجسيدها على أرض الواقع من خلال نصوص الدستور الكويتي وأصبح ذلك الدستور مجرد جسد بلا روح.
حتى ولو تشكلت كتل وهياكل لتبدو ظاهريا أنها نقيضة العمل الفردي السياسي لكنها في حقيقة الأمر ليست سوى مواضع قدم للفردية حتى تصعد على أكتافها، فما إن يلتقي الجميع ويطرحون أفكارهم وتصوراتهم في الوصول إلى واقع أفضل حتى يتسلط أحدهم على تلك المجموعة ويجرها تحت إبطه، كما يجر راعي الغنم القطيع إلى ما يريد.
إذا اعترض أحدهم على مثل ذلك التفرد يصبح خارج القطيع فيلوذ بالصمت على الأقل ليبقى ضمن المشهد السياسي، ولا يهم إذا كان ذلك دون كرامة، والنماذج كثيرة تلك التي تشتكي خلف الكواليس من تسلط ذلك الفرد، وإذا خرجت في الضوء سبحت «لحست» كل ما طرحته خلف الكواليس حتى لا تخسر، ففي التنظيم طاغية صغير ومن يخرج عليه مصيره الموت سياسيا.
يقول أحدهم إن أولئك ضحايا الأصوات الأربعة فهم ليسوا نسيج ذاتهم بل هم نتاج غيرهم، ولا ضير إذا شكل ذلك الفرد تنظيما أو كتلة بعد الوصول إلى البرلمان مع صنائعه، فهو السبب في وجودهم هناك فكل واحد منهم يدين بالفضل له، أليس هو من شكل قائمة من أربعة هو أحدهم والبقية أفراد القطيع و«قلصهم» معه.
هذا هو ما يدفعنا إلى المطالبة دائما بأن يكون هناك تنظيم للحياة السياسية في البلاد مثلما طالبنا بتنظيم الساحة الإعلامية، فمن الضروري أن يكون هناك جماعات سياسية وليس المشكلة أبدا في مسميات ذلك التنظيم للساحة فيمكن تسميتها أحزاباً ويمكن أيضا تسميتها جمعيات سياسية أو جماعات سياسية وليس مهما كل ذلك مادام الجوهر يضمن لنا التخلص من داء الفردية في العمل السياسي.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق