أليستير بيرت: بريطانيا والكويت صداقة على مر الوقت

تتيح زيارة حضرة صاحب السمو أمير دولة الكويت إلى المملكة المتحدة هذا الأسبوع كضيف على جلالة الملكة اليزابيث الثانية فرصة للبريطانيين ليروا صداقة متينة في إطلالة حديثة وستكون فرصة للاحتفاء بهذه الروابط التاريخية الوطيدة التي تجمع فيما بيننا، والتي ستتجدد بصورة أقوى من خلال مبادرة مجموعة التوجيه المشتركة التي سيتم اطلاقها خلال هذه الزيارة.

فإن الكويت، كباقي دول الخليج، تتمتع بعلاقة صداقة عريقة ووطيدة مع المملكة المتحدة. لقد مر حوالي 250 عاما منذ رست أول سفينة لشركة شرق الهند في الكويت. لقد كانت المملكة المتحدة صديقة للكويت منذ ذلك الوقت ـ وحامية عند اللزوم، تحت اتفاقية الصداقة من 1899 ـ 1961 ومن 1961 – 1963 عندما دافعنا عن الكويت في وجه المحاولات العراقية لاحتلال البلد وأخيرا أثناء تحرير البلد من قوات صدام حسين في عام 1991.

إن القيم المتبادلة تعتبر على نفس القدر من الأهمية والتي تتماشى مع هذا التاريخ المشترك بين البلدين. على الرغم من الأزمة السياسية مؤخرا، فإن الكويت تظل واحدة من البلاد التي تتمتع بتقاليد عريقة للحرية والمشاركة السياسية. يمثل مجلس الأمة رمزا ثابتا لدولة الكويت وينتخب عبر الاقتراع العام، ومازالت الديموقراطية غير كاملة في البلد ولكن القيم الديموقراطية وحرية التعبير وحقوق الانسان متجذرة بعمق. بالتأكيد فإن هناك ثقافة قوية للنقاش والحوار خاصة في ظل نشاط استخدام المواطنين الكويتيين للمواقع الاجتماعية.

لقد سلكت الكويت طريقا فريدا للإصلاح والتقدم، فتمت كتابة الدستور منذ خمسين عاما مباشرة بعد الاستقلال ليضع البلاد على خارطة الديموقراطية التي رسمت منذ تأسيس الدولة. ولكن شهدت السنوات الأخيرة خلافات حادة حول طبيعة الديموقراطية أتت وأطاحت بحكومات ورؤساء وزراء علاوة على الطعن وإعادة الطعن بالحملات الانتخابية. لقد مارس المتظاهرون حقهم في نزولهم إلى الشارع لسماع صوتهم وكتب المحللون مجلدات حول ماضي وحاضر ومستقبل البلاد. ونحن في المملكة المتحدة ندرك بكل هذه الاشياء من خلال متابعتنا للسياسة في أوروبا، فنحن حاليا نرى المرحلة التالية بوضوح بالنسبة الى تطور الكويت ولكن أي دور سيأخذه هذا التطور يعتبر نقطة متنازعا عليها سياسيا والطريق للأمام ليس واضحا تماما مثل الوضع بالنسبة إلى أي مجتمع ناضج. ولكن الشيء الأكيد هو أن الكويتيين سيستمرون في اختيار مسارهم وآمل أن يظل المسار على المدى الطويل تصاعديا وإصلاحيا وبقيادة كويتية.

فدعم هذا التطور يعتبر عقيدة جوهرية وأساسية بالنسبة الى السياسة البريطانية وليس فقط في الكويت ولكن في الخليج ومنطقة الشرق الأوسط بشكل أكبر. نحن ندعم المرحلة الانتقالية للديموقراطية في مصر وليبيا وتونس، ونأمل في يوم ما أن ندعم المرحلة الانتقالية في سورية. ولكن في كل الحالات دورنا هو الدعم وليس القيادة أبدا. فشعوب هذه البلاد هي التي أخذت القرار لسماع صوتهم وقررت تغيير مصيرها بأيديها، وتحديد سرعة التغيير. ولكن الثورة ليست الأسلوب ويجب ألا تكون الخيار الوحيد للتغير، بل تكون الخيار الأخير. ونحن تعلمنا جيدا عبر مراحل التطور الطويلة والمستمرة للديموقراطية البريطانية فوائد الاستقرار والاصلاح التدريجي والاستجابة الى رغبات وإرادة الشعب.

هذه دروس مستفادة ومفهومة جيدا في الخليج وفي الكويت حيث كان هناك تطور تدريجي في الإدارة. البعض قد يجادل بأن هذا التطور يسمح للحكام بالتهرب من اتخاذ القرارات الصعبة ولكنني اعارض هذا الرأي بشدة، فعلى الرغم من التحديات التي تواجهها الكويت، فإنه مثال واضح لكيف يمكن أن يحدث الإصلاح السياسي في الخليج، وستستمر المملكة المتحدة في تقديم النصيحة والدعم عند اللزوم كما فعلنا قبل الآن من خلال عملنا مع الحكومة لتعزيز الشفافية والمسؤولية، علاوة على مكافحة الفساد. وكما تمضي الكويت في رحلتها فنحن أيضا سنقوم بمنح آرائنا بشأن التقدم المحرز بكل مصداقية وشفافية، مثلما يفعل أي صديق.

إن مجموعة التوجيه المشتركة التي تم اطلاقها في لندن يوم امس، ستوفر ملتقى لهذا الأمر كما ستعطي الفرصة لتعميق علاقتنا على جميع المستويات في التجارة والاستثمار، والسياسة الخارجية والقضايا الحساسة مثل الهجرة والتعليم. إن المجموعة مثلها مثل الزيارة التاريخية هذا الاسبوع ما هي إلا تجسيد مادي للالتزام الذي وضعته هذه الحكومة عندما تولت مقاليد السلطة من أجل الاستثمار في علاقتنا مع حلفائنا في دول الخليج.

آمل أن تتيح زيارة سمو الأمير لجلالة الملكة الفرصة وتفتح النافذة للاطلاع على حيوية السياسة الكويتية والقاء نظرة تتعدى الصورة النمطية الضحلة الى العمق السياسي والاجتماعي لهذا البلد الملهم والمثير وهذه المنطقة الساحرة والجذابة.
المصدر جريدة الانباء

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.