حسن كرم: هذا يوم الفصل

قد لا نختلف على ان هذا اليوم الأول من ديسمبر (2012) الذي ستتوجه فيه جموع الناخبين الى مراكز الانتخابات ليدلوا بأصواتهم هو يوم من ايام الكويت التاريخية ويوم غير مسبوق، ذلك ان البلاد تشهد اول تجربة انتخابية تتم على اساس التصويت الفردي، بعد ثلاث تجارب انتخابية اذا لم تكن فاشلة لكنها لم تكن موفقة بل كانت تجربة الاربعة اصوات مدمرة وممزقة لكيان وسياج الكويت الاجتماعي والسلم الاهلي.
بيد اننا لا ينبغي ان نغتبط بالتجربة الجديدة ذلك ان تدشين الصوت الواحد لا يعد البروفة النهائية لمرحلة انتخابية مأمولة – بقدر ما نستطيع عده بروفة اولية على الرغم من ثمة انطباع شعبي عارم ارتسم على الوجوه بالتفاؤل بتجربة الصوت الواحد، وبالمرحلة القادمة الذي نأمل جميعاً خروج الكويت من حالة الاحباط والاختناق الى حالة الاغتباط والنشاط وبناء مستقبل واعد.
واذا كان ثمة رافض للصوت الواحد بذريعة ان المرسوم الصادر بشأنه غير دستوري ولا يخضع التعديل الى حكم الضرورة حسب مقتضيات المادة (71) من الدستور. الا ان الضرورة ليست بتوقيتها وانما بأسبابها، ذلك ان سمو الامير حفظه الله ورعاه قد شرح في مجمل خطاباته السامية الاخيرة دوافع التعديل الجزائي في قانون الانتخاب، كما وان سموه لم يتمسك بالمرسوم، فترك الخيار للمحكمة الدستورية او للمجلس القادم لتقرير ما يراه مناسباً، ولعلي اظن ان الرافضين للمرسوم لم يرفضوه لكونه غير دستوري، وانما لكون التعديل لا يخدم مصالحهم ولا يلبي مطامعهم بالعودة المظفرة الى مقاعدهم وهنا مكمن العلة وسر الرفض ولعل الضغوط التي مارسوها والنزول الى الشارع وتنظيم المسيرات والتصادم مع رجال الامن وبث الدعايات المضللة والكاذبة والتشويش والحط من شأن المترشحين كل ذلك ما كان ليكون لولا حالة اليأس والخذلان التي اوقعوا انفسهم بها وفشلهم احباط مرسوم الصوت الواحد، فالقرار لا رجعة فيه ما دام بالصوت الواحد اصلاح للعملية الانتخابية وانقاذ من حالة التشظي والتشرذم والتمزق التي اصابت البلاد والعباد جراء الممارسات الخاطئة والقاتلة التي سببتها الانظمة الانتخابية السابقة حيث طغيان الطائفية والقبلية والفئوية والعنصرية والحزبية على الحالة الوطنية الكويتية الواحدة.
لا ريب عندما يتوجه الناخبون غداً الى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم في مجلس الأمة القادم، وهو يوم تاريخي مشهود لا يتوجهون لكي يمارسوا حقاً منحه لهم الدستور بقدر ما يمارسون وعياً وواجبا وتفاؤلاً بمستقبل افضل ذلك ان مشاركة المواطن برسم مستقبل وطنه تضعه في بؤرة المسؤولية الكاملة، باعتباره شريكاً ومشاركاً في انجاح او في اخفاق مستقبل الوطن، وعلينا ان نرفع جميعاً في هذا اليوم بل وفي كل يوم شعار لكنا شركاء في الوطن وكلنا مسؤولون.
فالوطن وطننا، وليس وطناً لفئة او لطائفة او لقبلية او لحزب، ومستقبله مستقبلنا ومستقبل ابنائنا ومستقبل الاجيال القادمة، والخيار خيارنا، خيار المواطن الذي يتطلب الواجب عليه بحسن الاختيار. ولا يمنح صوته الا للأفضل. فلا يميل بعاطفته الى ابن العائلة او الطائفة او القبيلة ذلك ان التصويت هو للكويت.
يبقى في الاخير القول. ان فشل الانتخابات الذي راهن عليه المبطلون والمقاطعون لا ريب في انه رهان خاسر وما ذلك الرهان الا من صدمة الافلاس والخذلان، فوعي المواطن وشعوره بأهمية هذا اليوم الانتخابي سيفشل كل تلك الاراجيف والاكاذيب، لأن الكذب مهما طالت حباله تبقى قصيرة، وعلينا بخيار الصوت الواحد الذي ينقل الكويت من مرحلة مظلمة الى مرحلة مأمولة بالخير ومستقبل واعد.

حسن علي كرم
المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.