مقارنة غريبة أجراها مثقفون بين منع الكاتبة والمفكرة السعودية الدكتورة بدرية البشر من دخول البلاد وبين السماح لنجمة المجتمع العالمية وعارضة الأزياء كيم كارديشيان بدخولها والتي حضرت إلى الكويت لنشاط تجاري، ما دخل هذه بتلك لإجراء المقارنة، وما الرابط بينهما حتى تُنتقى كلمات «من النوع الإقصائي» للتأكيد أن منع الكاتبة رفض وطمس للثقافة والفكر والسماح لعارضة أزياء إحياء وتشجيع على شهوة الجسد واعتبار ذلك من سياسة الدولة؟!
بدرية البشر ثقافة وكيم كارديشيان أيضا ثقافة، للأولى معجبوها وللثانية معجبوها، وعلى معجبي كل واحدة منهما احترام معجبي الأخرى، أليس هذا جزءا من احترام رأي الآخر ورغباته واهتماماته التي على الدولة أن ترعاها «بحيادية» من دون تمييز أو تفضيل طرف على آخر؟!
من يؤمن بالتعددية عليه ألا يدخل في مقارنات سطحية، واتباع معايير مفصلة حسب الرغبة في استقبال من يناسبنا ورفض من لا يناسبنا.
فمن ينسبون أنفسهم إلى الثقافة (أو ينسبون الثقافة إليهم) ممن نأمل فيهم روح وعقلية الانفتاح على الآخر وتقبل مختلف الآراء والأذواق يقيمون هذه المقارنة للأسف غير مدركين أنهم بذلك لم يختلفوا عن غيرهم ممن يرفضون الآخر المختلف، والذين يطرحون أسئلة مثل لماذا تمنع مفكرا من دخول البلاد وتسمح لمطربة، أو لماذا تمنع شيخا معمما وتسمح لشيخ لا يلبس العقال؟.. ولماذا تمنع هذا وتسمح لذاك؟
إن فكرة منع أي إنسان من دخول البلاد مرفوضة «من حيث المبدأ» مهما كان الداعي للمنع ما عدا أن يكون أمنيا طبعا أو سياسيا بسبب مواقف فعلية وكلامية ضد الكويت، دولة وشعبا وحكما ونظاما، أما معايير المنع الخاضعة للأهواء والميول، سواء الفكرية أو الدينية أو المذهبية أو العقائدية، فهي كثيرة ومتعددة وشهدنا حالات كثيرة منها في السنوات الماضية، فكلنا يذكر أسباب منع السيد محمد الفالي ومن ثم رفع المنع عنه بسبب «فزعة» أحد النواب، والأمر نفسه ينطبق على الشيخ محمد العريفي، وكذلك ما حدث مع الراحل الدكتور نصر حامد أبوزيد والدكتورة مضاوي الرشيد والناشط الإماراتي أحمد منصور والبحريني الدكتور أحمد النعيس وغيرهم، وكانت معظم أسباب المنع مطالبات من جماعات لا تؤمن بالحوار والتعددية والرأي الآخر!
الدكتورة بدرية البشر لها مكانتها الأدبية والفكرية والفنية أيضا (كونها زوجة الفنان السعودي ناصر القصبي)، ولها منا – كقراء ومتابعين لإنتاجها – حق الاعتذار بل وكرم الضيافة، ولكن ما كان من المقبول مقارنة منع دخولها إلى البلاد باستقبال كيم كارديشيان، على الأقل تفاديا لازدواجية المعايير.
أسيل عبدالحميد أمين
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق