بعد الإعلان الرسمي عن أعضاء مجلس الأمة الجديد، يأتي دور استقالة الحكومة الحالية وتعيين سمو الأمير رئيسا للوزراء، يقوم بدوره بتشكيل حكومته لعرضها على سموه. وهنا لابد من قراءة دقيقة لاحتياجات المرحلة القادمة التي تتطلب جملة من التغييرات الجذرية المهمّة والمتعلقة بمعايير اختيار أعضاء الحكومة، وماهية برامجهم وخططهم المستقبلية. لذا لابد من وضع خط أحمر على عودة طرق الاختيار السابقة التي تعتمد على أساليب الترضيات الاجتماعية والمحاصصة السياسية التي أوصلت في السابق غير المستحق إلى هذا المنصب الحساس على حساب حسن الأداء وجودة العمل.
وقد يكون معيار المنطق القرآني «القوي الأمين» هو ما يمكن اعتباره مبدأ أساسا في الاختيار، فمعيار القوة هنا تعني الكفاءة المهنية والبعد التخصصي والمهارة الإدارية والخبرة العملية. أما معيار الأمانة هنا فيعني النزاهة ونظافة اليد وحسن السيرة والتاريخ الأبيض المتعلق بالحرص على المال العام ومصالح البلاد والعباد، ولن يتأتى ذلك من خلال استدعاء بعض الشخصيات المنتمية للمكونات الاجتماعية في الكويت، بل يتم من طرق باب المؤسسات الأهلية في القطاعين الأكاديمي والمهني، والطلب منها لترشيح خيرة الأسماء المؤهلة التي يمكن أن تعين رئيس الوزراء الجديد على حسن الاختيار من جانب، والابتعاد عن اتّباع الأساليب والمعايير السابقة في الاختيار من جهة أخرى.
وأيضا لابد أن تعلن الحكومة برنامجها العملي والمنسجم مع متطلبات المرحلة القادمة، وطموح الناس بشكل عام: برنامج واقعي قابل للتطبيق بعيد عن الطرح الإنشائي، ومحدد بجدول زمني وميزانية واضحة، حينها يمكن أن يتم اختيار الوزراء وفقا لخبراتهم وقدراتهم على تحقيق هذا البرنامج. وتلك هي المعضلة الأهم التي في حال استطاع رئيس الوزراء الجديد أن يواجهها باقتدار، فإنه بذلك سيجتث أية ذريعة في المستقبل القريب من أعضاء مجلس الأمة، وحينها سيصبح العمل أكثر يسراً في الإطار التشريعي، وأسهل للنواب في المراقبة والمحاسبة.
إنها مسألة إدارية بامتياز، وتتطلب منذ البداية أن تضع الحكومة النقاط على الأحرف، وتمارس شفافية كاملة في اختيار وزراء يغلب عليهم طابع التكنوقراط وتمكينهم من تبني برنامج عمل واضح، حينها يمكن القول إننا وضعنا أرجلنا على الدرج الأول من سلم الإنجاز.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق