ليس من حق السلطة ان تترفع عن التدخل في القضايا المصيرية التي يواجهها البلد. وليس من العدل، بل حتى من اولويات واساسيات الحكم ان تترك «القرعة ترعى»، بنظام ديموقراطي ام بدونه، يبقى هناك واجبات ويبقى هناك مسؤوليات ويبقى هناك حدود يجب الا يتم تجاوزها، بل يجب الا يسمح بهذا التجاوز تحت اي ظرف من الظروف.
نعلم ان الاغلبية البرلمانية الحالية هي من اختيار الشعب، لكن نعلم كلنا اكثر انه ليس خيارا حرا ولم يكن، لا بالامس، عندما تلاعبت السلطة بجداول الانتخابات وبالتركيبة السكانية، وعندما فصلت الدوائر وفق اهتماماتها، ولا اليوم وهي توجه «البلوكات» وتشتري ود الناخبين او ذمم الموجهين لهم. نعلم هذا.. لكن نعلم ايضا ان السلطة، حكومة او اطرافا سياسية واجتماعية، اقسمت والتزمت بدستور البلد وقوانينه. ودستور البلد تم وضعه اساسا للحد من تعنت السلطة وانحرافها، ولا يغير في الامر شيئا ان كانت هذه السلطة امرا واقعا ام خيارا للاغلبية، حيث تبقى هذه السلطة تحت رقابة وتوجيه النظام العام والمبادئ الاساسية للديموقراطية ومواد الدستور الذي اقسم الجميع على الالتزام به والوفاء بمضامينه.
الآن هناك تمرد سمج وخطر على النظام، وهناك انتهاكات متوالية للمبادئ الديموقراطية ولمواد الدستور وكذلك للائحة الداخلية لمجلس الامة. وهناك توجه ملحوظ وملموس لتحجيم الاقلية في مجلس الامة ومصادرة حقوقها الديموقراطية. وهذا التوجه يتمدد اليوم ليتعدى حدود مجلس الامة والعمل البرلماني، ليصل بلا حياء ولا ضمير الى معتقدات الناس واخص خصوصياتهم وما تحويه السرائر. ان هناك هجمة متطرفة، همجية ووحشية ايضا على الغير.. لا تمت للعمل الديموقراطي بصلة ولا تستمد ايا من معتقداتها وموروثها من دستور البلاد او حتى عاداتها وتقاليدها. بل من خرافات وأوهام وأكاذيب تم تلفيقها في العصور السوداء من التاريخ. واليوم يسعى البعض ليضعها موضع التنفيذ في الكويت الديموقراطية وفي القرن الواحد والعشرين، مخضعا انفتاح البلد وتسامح اهله واندماجهم للانغلاق والتعصب والتنابز.
إن السلوك التسلطي والاقصائي للأغلبية الحالية من أعضاء مجلس الامة قد تجاوز الحد، وتعدى المسموح والمقبول، واصبح ضروريا للحفاظ على أمن البلد والاستقرار فيه ان «يضبط»، بالمحكمة الدستورية او بتفعيل او حتى بتعليق المادة 107 من الدستور.. يجب ان يضبط.
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق