بكيت وحيداً ليلة الأمس، لكن عيناي لم تكن تسيل بالدمع، بل كانت تسيل منها وجوه عدة خذلتني.
قلبي به ألم، وفي قلبك أنت ألم، وصديقي كذلك، وصديقك أنت كذلك، ومجموعة أخرى كبيرة في هذا العالم عندها آلام، لذا لا تنزعج كثيراً وتشغلك آلامك عن الإحساس بالعالم.
لا تشغلك أحزانك ومشكلاتك وسوء ظنهم بك.. أستمتع في حياتك. الدنيا ومضة ولا شيء فيها يستحق أن تحترق من أجله.
الواثق المتزن ذو القلب الكبير إن شاورته سيُشير عليك بأجمل الرأي وسيحرص على نفعك وتسديدك، العظماء دائماً ينتهجون هذا المنهج مع الناس.
لا تتعب نفسك في احتواء من لا تعجبه، دعه في حاله، وأنت امض لحال سبيلك، لا تلتفت لشخص يريدك أن تكون تبعاً لمزاجه وعجرفته!
سامح من اخطأ في حقك، اصفح عنه وكن أكرم منه، إن نُبل الأخلاق لا يتقنه إلا أصحاب القلوب الجميلة.
هل جربت في ليلة أن تشرب امرأة بفنجان؟ أو أن تصنع منها جلداً لساعتك؟ أو أن ترصفها خطوطاً لورقتك البيضاء؟ أو أن تحبسها عطراً مغرورا بين كتفيك؟
كم مرّة سريتُ وحيداً كئيباً خائفاً ليس معي غير عصا الكِتابة الذي كلما ضربت به وادي الليل انبلج لي نور آنسني وعوضني عن وجوه كثيرة خذلتني.
احذر تلك القلوب التي تسامح كثيراً، إنها تتخذ من الرحيل الورقة الأولى والأخيرة حينما تسأم من أحد.
كبقايا القهوة في أسفل الفنجان بقيت ذكراكِ في قلبي. خلف روح كل أُنثى مرآة، تعكس لك حقيقة عالمها. الأذكياء يختلفون والأغبياء يتشابهون. يدّان المرأة… تختصرها.
زجاجة العطر بعد أن تفرُغ من محتواها تفقد الكثير من قيمتها الحقيقية، وكذلك الإنسان يخسر كثيراً عندما يفتقد أن يكون جميلاً كالعطر.
كلما كان الوجع أعمق كلما كان الحزن أطول. كنت أخاف أن ترحل وتتركني وحيداً ليس معي إلا جرحي وخيبتي، وفعلاً رحلت أنت ولم تضع في يدي أي كسرة صبر أو حتى فتات من النسيان. أوجع ما في الغياب أن يسكن الشتات في قلبك وتسكن الحيرة في رأسك وتتذكر في كل ليلة أجمل ما ضاع لك من أمنيات. ارحل في أمان الشتات والشقاء، لقد تعبت في احتوائك وأنت اتعبتني في القسوة وغياب الضمير.
لا أجد فرقاً كبيراً بينكِ وبين القهوة، فأنتما تجلبان السهر وتشعلان الليل بالعشق والكتابة. أعمق النساء تلك التي تحتوي عيوب الرجل قبل مزاياه، وتعشق حضوره بإدمان،ولا تحيط تفكيرها به إلا بالسعادة وبما يجعله يزيد في عشقه لها وتمسك بها. أعشق ذلك الكِتاب الذي يحرضني على الكتابة. كم فكرت فيكِ سيدتي لو أنكِ كنتِ قهوة! سأسكبكِ ساخنة في فنجاني ثم أبلل رأس اصبعي بكِ لأكتبكِ فوق الورق قصيدة مغرورة وفوضوية تشبهك وتشبهني. دعيني أسافر في عينيك بعيداً فهما مدائن من لذة لا تسكنهما سوى الأساطير وشجر التفاح وزاوية من القحط وآهات من الرغبة وقفل مازلت أبحث عن مفتاحه.
عندما يتمكن العشق من أحدنا، يهتم بكل التفاصيل الصغيرة لمعشوقه، أما ذاته فيبدأ ينساها شيئاً فشيئاً!
alrawie @
roo7.net@gmail.com
المصدر جريدة الراي
قم بكتابة اول تعليق