سامي خليفة: أيها النواب.. لن يرحمكم التاريخ

أهم تحدّ يواجه نواب مجلس الأمة اليوم يكمن في الكيفية التي يمكن من خلالها بناء آلة تشريع بنّاءة وفاعلة، وأساليب مراقبة ومحاسبة مجدية تؤدي في محصلتها إلى الاستقرار السياسي من جانب، ودفع عملية البناء والتنمية إلى الأمام من الجانب الآخر، وتُجبر الحكومة على أداء عملها بحرص وجد واجتهاد، خاصة بعد أن جاءت التشكيلة الوزارية في غاية التواضع ومخيبة للآمال، وأقل ما يمكن وصفها بأنها اسم على غير مسمى، إذ لا يمكن تسميتها بحكومة التنمية والإنجاز، وفيها من الألغام السياسية ما فيها، ابتداء بوجود أسماء محسوبة على شخصيات تجارية تسعى لتمرير مشاريع حكومية كبرى لصالح شركاتها الخاصة، ومرورا بأسماء تتعامل بفوقية و«عجرفة» مع القضايا الشعبية بعيداً عن الحصافة، وانتهاء بأسماء تعتقد أنها قادرة على تطويع البرلمان والسيطرة عليه من خلال اللعب على تناقضات تشكيلة النواب عبر سياسة تقريب البعض وإبعاد الآخر.
أمام كل ذلك أجد من المهم أن يُدرك النواب خطورة المرحلة ويتداركوا الغرق في التفاصيل اليومية لمجريات الحراك البرلماني بصورة يمكن أن تؤدّي إلى تغيّر أولوياتهم الإستراتيجية المتعلقة بأصل استمرار هذا المجلس، وخاصة أن هناك قوى المعارضة المتربصة همها وشغلها الشاغل هو تصيّد الزلات وكشف العثرات من أجل إسقاط المجلس الحالي من جانب، والإحباط الذي سيصيب الناس إذا ما تلكأ نواب المجلس في وضع حد للمشكلات والمعضلات التي يعاني منها الناس من جانب آخر.
لذا، لا سبيل للنجاة بهذا المجلس إلى بر الأمان وضمان استمراره سوى عبر تبنّي مبادرة لوضع ميثاق شرف بين النواب يتم بموجبه الالتزام ببعض الأدبيات الأخلاقية في العمل السياسي، ليجني فوائدها المواطن وحده دون غيره. فلا يُعقل أن نتحدث عن توافق وهناك صراع على المناصب القيادية للمجلس أو الحكومة! ولا يُعقل أن نتحدث عن الانجاز وكل نائب يجر قرص الفائدة والمصلحة نحوه! ولا يُعقل أن ننتظر معالجة التحديات التي تمر بها البلاد في مناخ من التأزيم وعدم الثقة! والأهم من ذلك كله لا يُعقل أن يختار المجلس لغة التأزيم عنواناً لمرحلة تحتاج إلى أرضية خصبة لانطلاق عملية التنمية والإنجاز في كافة المجالات!
كما أنصح كل النواب اليوم أن يُغلّبوا المصلحة العامة على حساب المصالح الشخصية الضيقة ليضربوا مثلاً في التعاون الإيجابي بينهم، وليعطوا نموذجاً في التواصل البناء من الجميع ومع الجميع. فاليوم لا مجال للخطأ أو الفشل، لأننا نمر في محطة سياسية هي الأهم في تاريخ الكويت، ومفترق طرق بين اختيار منحى العمل المجدي مع ملاحظة أن تكرار تجارب المجالس السابقة يعني الفشل والسقوط، حينها لا عذر لكم ولن ترحمكم أجيالنا الحاضرة وما يسطره التاريخ.
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.