يوسف الزنكوي: نحن من قتل الخطوط الكويتية


كتبت مرات عدة حول أسباب تدهور أوضاع مؤسسة وطنية كالخطوط الجوية الكويتية التي لو كان لدى جميع المواطنين وأولهم نواب مجلس الأمة الحد الأدنى من الحس الوطني تجاهها, عندما يعتبرونها بيتهم الثاني, لما كان حالها كما هي عليه اليوم, بل ولما تجرأ أحد في الخليج بأسره على تأسيس شركات طيران أخرى لمنافستها على جذب الركاب والمسافرين في المنطقة. لكن ماذا نقول? “الحظ وما يسوِي”.
وإذا كان هناك من يتساءل حول أسباب التراجع الكارثي لهذه المؤسسة الوطنية التي كانت في يوم من الأيام من أفضل الناقلات الجوية في المنطقة, فما عليه إلا أن يسجل بالصوت والصورة سلوكيات بعض الكويتيين خلال لحظات الصعود إلى أي ناقلة ركاب سواء كانت كويتية أو غير كويتية, وأثناء النزول منها, وكذلك تسجيل سلوكيات هذا البعض خلال لحظات الإقلاع والهبوط. ثم ليطرح السؤال المنطقي: إذا كان البعض من الكويتيين يتصرف بقسوة مع ممتلكات الآخرين من الناقلات الجوية, فكيف سيكون تعاملهم مع ممتلكات شركاتهم الوطنية?, بل وكيف يتعامل هذا البعض مع المال العام عموما?.
لقد بات واضحا أنه وبسبب فقدان القدوة الصالحة صرنا نرى اللامبالاة تورث من الكبار إلى الصغار, وأصبحنا نستشعر عدم الإحساس بالمسؤولية والإهمال يسريان كالدم من المسؤول إلى المواطن العادي, وبتنا نرى عدم احترام الغير وتدمير ممتلكات الغير ينتقل كالعدوى من المواطنين إلى الوافدين. والغريب أن عملية إتلاف ممتلكات الغير صارت تجارة تصدر من الوطن إلى الخارج بطريقة مقززة ومنفرة أيضا, تماما كما رأيته بأم عيني على الخطوط الجوية التركية قبل أسبوع.
وقبل الحديث عن قدراتنا التصديرية في تدمير الممتلكات, دعونا نؤكد بعض الحقائق من خلال إجراء مقارنة رقمية بين مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية والخطوط الجوية التركية.
فالأولى تأسست قبل ستين سنة, بينما الثانية تأسست قبلها بعشرين سنة تقريبا, وتحديدا في العام 1933. مؤسستنا الوطنية التابعة لأحدى أغنى دول المنطقة وبعد كل هذه السنوات الطوال صار لديها 18 طائرة فقط ولا توجد طلبيات جديدة لها, بينما الخطوط التركية التابعة لدولة متوسطة الحال اقتصاديا يبلغ حجم أسطولها 132 طائرة (أكثر من سبعة أضعاف حجم الأسطول الكويتي) ولديها أكثر من 100 طلبية للحصول على طائرات جديدة لتحديث أسطولها.
شبكة الخطوط الجوية الكويتية موزعة على 39 وجهة فقط, بينما شبكة الخطوط التركية تقوم طائراتها بربط أكثر من 155 مدينة في مختلف دول العالم ببعضها بعضا. وإذا كان موضوع خصخصة الخطوط الجوية الكويتية يتم تداوله في أروقة مجلس الأمة وتحت قبته وعلى صفحات الصحف طوال السنوات العشر الماضية وبجعجعة مزعجة دون طحن, وبطريقة أساءت للسمعة الطيبة التي بناها المؤسسون خلال أربعة عقود انتهت مع انتهاء الغزو العراقي الآثم, فإن الخطوط الجوية التركية استطاعت أن تتبوأ مركزا متقدما بين أقوى الناقلات العالمية ولتكون بين أفضل خمس شركات عالمية ناقلة للمسافرين.
فهل يتعامل الأتراك مع طيرانهم الوطني كما يتعامل بعض الكويتيين مع مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية?. وهل يتلذذ البرلمانيون الأتراك بانتقاد مؤسساتهم الوطنية كما يفعل البرلمانيون الكويتيون مع هذه المؤسسة?. لا أعتقد ذلك, وإلا ما وصلت الخطوط الجوية التركية إلى ما وصلت إليه من نمو سريع وتطور مذهل. ولكن ما الذي يدفعنا نحو التلذذ في تدمير الممتلكات حتى لو كانت مملوكة للغير?.
وللحديث بقية …
* كاتب كويتي

yousufzinkawi@hotmail.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.