«لا ينبغي إلقاء اللوم على حكومة واحدة، فما حدث هو نتاج حكومات متعاقبة».
«في ظل ضعف المؤسسات الرسمية في الدولة، ستتكون علاقة قوية بين زيادة أسعار برميل النفط وبين زيادة الانحراف في الأداء الحكومي وارتفاع معدل الفساد».
«يوجد نسبة «غير مقبولة» من الفساد في جسد الدولة، ما انعكس على تدهور مستوى الخدمات، وعلى ضعف مخرجات التعليم، والذين هم أساس الثروة البشرية ومستقبل البلد».
العبارات السابقة ليست لي وإنما لنائب رئيس الوزراء وزير الخارجية السابق الشيخ محمد صباح السالم، حيث تصدرت تصريحاته الصفحة الأولى لجريدة «الكويتية» يوم أمس. لو كانت العبارات السابقة صدرت من أحمد السعدون أو مسلم البراك لكان ذلك مفهوماً ومقبولاً، لكن أن تصدر من «الشيخ» محمد الصباح الذي شارك في الحكومات المتعاقبة منذ عام 2001 وكان نائباً لرئيس الوزراء في العديد منها فهي «قوية».
كلام الشيخ محمد الصباح عن مصير محتمل للكويت يشابه مصير جزيرة «ناورو»، وهي جزيرة صغيرة بين أستراليا وهاواي كانت غنية بالفوسفات وكان مواطنوها مرفهين جداً، ولكن «بسبب تفشي الفساد ولكون استثماراتها تخضع لاعتبارات سياسية وليست اقتصادية» (لاحظ وجه المقارنة) تحولت «ناورو» إلى دولة فقيرة مدينة. يكمل محمد الصباح سرد قصته المشوقة التي تحمل إسقاطات واضحة على الواقع الكويتي بقوله «ولم يتقبل المواطنون في ناورو هذا التدهور المفاجئ بهدوء، فقد تم إجبار كبار مسؤولي الحكومة على الاستقالة (أكيد ما يقصد ناصر المحمد)، وزادت المسيرات والتظاهرات، وأخذ المواطنون يتداولون فكرة شراء جزيرة جديدة وبدء حياة جديدة، لكن أي دولة تلك التي ستقبل- وهي في كامل قواها العقلية- لهؤلاء «الناورويين» أن يستوطنوا أراضيها؟!». ولم يتبق إلا أن يقول الشيخ محمد إن المظاهرات كانت ليلية وحدثت في مناطق تسمى «المهراء والمردوس وصماح الباصر» وهي مناطق تقع في الدائرة الرابعة من جزيرة «ناورو».
من الواضح أن الشيخ محمد الصباح متشائم جداً من مستقبل الكويت ولديه نظرة سوداوية عما ينتظرنا كشعب، ولكن السؤال الأهم متى تكونت هذه القناعة لدى الشيخ محمد؟ هل بدأت منذ كان نائباً لرئيس الوزراء لأكثر من عشر سنوات أم تكونت لديه بمجرد تقديمه استقالته التي يقال إنها كانت كخطوة يضغط بها باتجاه تعيينه رئيساً للوزراء بديلاً للشيخ ناصر المحمد، ولكن النتيجة كانت عكس ما كان يطمح له عندما تم قبول استقالته بسرعة وتم استبعاده من الحكومات اللاحقة. ينقل لي أحد النواب أنه التقى برئيس الوزراء الحالي جابر المبارك- وكان نائباً لرئيس الوزراء حينها- بعد تقديم محمد الصباح استقالته، وسأله عن حقيقة استقالة الشيخ محمد وسرعة قبولها فكان جواب الشيخ جابر المبارك بسيطاً ومعبراً «ماكو إلا العافية ضرس يرقل وشلعناه».
كلام الشيخ جابر المبارك عن «الضرس اللي يرقل» وكلام الشيخ محمد الصباح عن جزيرة «ناورو» يؤكدان على حقيقة أن هناك مجموعة من «الضروس اللي ترقل» بالأسرة الحاكمة وليس ضرسا واحدا «يرقل»، وهو يثبت بأن جزءا من الأزمة السياسية في الكويت هو بسبب هذه «الضروس المسوسة». الخوف كل الخوف أن تكون «الضروس اللي ترقل» أكثر من الضروس الثابتة، وفي هذه الحالة الله يعين مواطني دولة «ناورو» على ضروسها.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق