كنا نراهن على الحكومة الحالية، من أجل قيادة المرحلة المقبلة نحو آفاق أوسع على صعيدي السياسة والاقتصاد، لكن يبدو أن ذلك الرهان لم يكن في محله، فالأوضاع ليست على ما يرام، وحلفاء الأمس أصبح بعضهم على الحياد، والبعض الآخر يبحث عن بدائل تقيه شر تغييرات اللحظة الأخيرة، وخصوصا بعدما بدا واضحا أن تلك التغييرات هي الحراك الثابت، وغيرها متحرك، لا يمكن التعويل عليه.
لم تكن مكونات الحكومة ذات أهمية يوما ما، فالتعويل دائما وأبدا كان على المشروع الذي يقف خلف تلك المكونات، بغض النظر عن شخوصها، فإذا كان ذلك المشروع يضع في أولوياته حاجات المواطن البسيط، كان مشروعا وطنيا، وإذا كان المشروع الذي يقف خلفها يضع على رأس أولوياته مصالح الطبقة التجارية فقط، كان مشروعا رأسماليا متوحشا.
ربما يكون هناك مشروع ثالث يضع في اعتباره مطالب الطبقة الوسطى من جهة، والقليل من حاجات الطبقة التجارية، امتدادا للتسويات التاريخية، من أجل تجنب أي ارتدادات على الساحة السياسية، لكن في ما يبدو أن المشاريع الثلاثة ليست موجودة على طاولة الحكومة، وهناك بدلا منها مؤشرات على تداع قريب، الجزء الأكبر منها يعود إلى نيران صديقة والبقية سيتكفل بها خصومها.
لقاء النائب المخضرم عدنان عبدالصمد مع قناة الراي كان تحديا أملته ظروف التركيبة الحكومية، بالإضافة إلى إرهاصات الجلسة الأولى للمجلس الجديد، لكن استجابة الحكومة لمثل ذلك التحدي لم تكن كما يفترض بها أن تكون، وربما فوتت- أي الحكومة- بتلك الخطوة فرصة لن تتكرر مرة أخرى.
لقاء النائب عبدالصمد مع قناة الراي لم يكن لقاء عاديا يمكن المرور من جانبه وتجاوزه، بل كان حزمة ساخنة من الرسائل السياسية في التوقيت وفي المضمون، وكان هدفها جس نبض الحكومة واختبار قدرتها على الصمود خلال المرحلة المقبلة، ولو أمعنا النظر في تفاصيلها سندرك قيمة تلك التفاصيل بالنسبة للحكومة، التي كما يبدو لي، لم تلتقط أياً من تلك الرسائل.
رد فعل الحكومة أمام التحدي الأول لها كان أضعف بكثير مما توقعناه، ليس لأنه كشف- من دون أن تدري- نقاط الضعف في بنيتها أمام خصومها، ودلهم على الثغرات فيها فقط، بل لأنه وضعها في مسار لن تستطيع الخروج عنه في الفترة المتبقية من عمرها القصير، وسيكون عليها خلال تلك الفترة أن تبحث عن مخارج، لكنها لن تتمكن من العثور في ظل الأجواء الحالية، فقد أخفقت للأسف في الاختبار الأول.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق