قد يبدو ما سأكتبه في السطور التالية مستغربا لدى بعض القراء ومستهجنا لدى فريق آخر، ولكنه اجتهاد قد يصيب فيكون مصيبة أو يخيب فيكون خيبة.
القاتل والمقتول كلاهما ابنا هذا المجتمع وعاشا ظروفه وحوادثه، كل على طريقته واستيعابه لتلك المجريات والحوادث، إني بذلك أتحدث عن جريمة القتل التي راح ضحيتها المغدور الشاب الطبيب «جابر» وبلا سبب يؤدي حتى إلى نظرة غاضبة، فكيف يؤدي إلى جريمة قتل أرعبت القلوب الهاجعة بين أضلاعها.
إن ما يسمى بـ «الحراك» الذي شهده الشارع الكويتي في الأشهر الأخيرة وما رافقه من فوضى وعنف وتعد على رجال الأمن وصل حد محاولات دهسهم وإلقاء قنابل المولوتوف عليهم، فضلا عن تخريب الممتلكات العامة وشعور عام لدى أولئك الحراكيين أو معظمهم بمعاداة الوطن ومقدراته وممتلكاته، كل هذا أدى إلى إحياء ما يمكن تسميته بـ «الجريمة الكامنة في النفوس»، فمن المعروف أن المجرمين هم ليسوا أولئك الذين ينفذون جرائمهم وحسب، بل إن هناك مجرمين مستترين، وجريمة كامنة، وهؤلاء المجرمون المستترون وتلك الجرائم الكامنة، يكونون في حاجة لمن يستفز الجريمة داخل نفوسهم فيشرعون في تنفيذها.
وكثيرا ما نلاحظ أن الجرائم تكثر وتزداد إذا ما تعرض مجتمع ما لحدث كبير، وتكون هذه الجرائم ردة فعل لذلك الحدث، وآخر ما يمكن لنا الاستشهاد به في هذا الصدد هو ما أعقب ثورة يناير في مصر العام الماضي، حيث كثرت الجرائم وزادت عمليات البلطجة وحوادث القتل والسلب.
وهذا ما يجعلني أربط ربطا غير مباشر بين جريمة مقتل د.جابر وبمثل تلك العلنية المخيفة والتي تدل على تشبع روح القاتل بكم كبير ونافذ من الاستهانة والاستهتار بقيم الردع الأمني وتجاوزه مرحلة التحسب للعواقب وهو شعور ينمو بسبب اعتقاد المجرم المستتر بانهيار الروادع الأمنية.
القتيل عاش الظروف نفسها التي عاشها القاتل فكلاهما كانا يعيشان في المجتمع نفسه الذي شهد تلك الفوضى الأمنية التي سببها ما يسمى بالحراك، ولكن ردة الفعل لدى القتيل خالفت وعاكست ردة فعل القاتل فبينما هي لم تحرك في القتيل نوازع الإجرام نجد العكس عند القاتل الذي استجاب طوعا للاستفزازات.
katebkom@gmail.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق