بالتأكيد أن الكويت ليست بلداً أو مدينة مختلفة عن المدن الحديثة، التي انتشرت فيها مظاهر الجريمة والعنف، وهي ليست المدينة الفاضلة، وهي بالتأكيد ليست كويت الستينات والسبعينات، التي كانت تهزها ظاهرة عنف أو جريمة محدودة تظل محفورة في ذاكرة الناس لمدة طويلة، لكنها بلد أمان.
ولكن هل نحتاج الى جريمة بشعة مثل ما حدث في «الأفنيوز» أو قضية مقتل «الميموني» أو العنف الذي أصبح ظاهرة في الطرقات والمدارس والشوارع، التعنيف اللفظي والجسدي، هل نحتاج الى هزات لكي نعي حجم المشاكل النفسية، والاجتماعية التي نعيشها، وهل تحتاج أجهزة الدولة الأمنية والإعلامية والدعوية التي تعلم بالمتغيرات الاجتماعية الكبيرة والمتلاحقة، وهل استعدت لكل هذا من مخزون الدراسات والملفات الشائكة الموجودة في أروقتها وأروقة المحاكم والقضاء؟
هل غاب عن أجهزة الدولة المشاكل المسببة لهذا العنف الجديد؟ الجميع يعلم عن الخلل في التركيبة السكانية المسبب للخلل الاجتماعي، فهنالك %70 من الوافدين و%30 من المواطنين يعيشون في مناطق شبه معزولة، وهنالك قضية غير محددي الجنسية «البدون» المعلقة من دون تسوية وتأمين مستقبل هذه الفئة، هنالك شبه ارتخاء لمؤسسات التعليم والإعلام والأجهزة الأمنية وتقاعس من بعض قياداتها وعدم وجود صرامة وتطبيق للوائح والقوانين. إن المادتين 32، 33 من الدستور كفلتا حق الأمان لمن يقيم على هذه البلاد، ويجب أن تكون فلسفة الأمان قائمة على أن الوقاية خير من العلاج، وأن نستبق الظاهرة، ونلاحقها في مهدها قبل أن تكبر وتستفحل ويصبح علاجها مكلفاً.
وأخيراً ندعو الله -عز وجل- أن يرحم المتوفين وأن تكون هذه الحوادث بداية صحوة لتخفيف مظاهر الجريمة والعنف في بلاد الأمان.
د. محمد عبدالله العبد الجادر
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق