سامي خليفة: الملف الفضيحة

أهم ملف لا بد أن يفتحه نواب مجلس الأمة اليوم على مصراعيه، وتحديدا أعضاء لجنة «حقوق الإنسان والبدون»، هو ما يسمى بـ «القيد الأمني». هذا الملف الأغبر الذي يمثل نقطة سوداء في تاريخ الكويت الحقوقي، بل ووصمة عار كبيرة تلاحق الأجهزة المعنية القائمة على وضع هذا الملف وإدارته، والمسؤولة عنه بصورة مباشرة، وخصوصا أن فيه من الظلم ما فيه على فئة «البدون»، وجاء الوقت الذي يجب أن يوضع حد لتلك المهزلة التي لا يمكن تبرير استمرارها إلا في خانة الاستهتار بالناس وسلب الأمل عندهم من دون وجه حق، والاستهانة بحقهم في الحياة بحرية وعزة وكرامة.
وهنا لا نختلف حول أهمية وضرورة عدم استهانة وزارة الداخلية بحماية البلاد من كل راصد ومتربص لتعكير أمنها، أو من كل من تشتبه أجهزة الأمن في سلوكه المعادي للكويت وأهلها، بل نشد على أيدي رجالنا في «الداخلية»، طالبين منهم الحزم والحسم في هذا الملف، لما تمثل نتيجته من صمام أمان لأمن واستقرار البلد.
ولكن ما نختلف عليه، جملة وتفصيلا، هو استمرار وجود قائمة «القيد الأمني» تلك، والتي تضم عشرات الآلاف من شريحة «البدون» من دون وجه حق، حيث لا يعقل أن يوضع قيد أمني على شخص مدى الحياة، وكلنا يعرف أن لفترة الغزو العراقي للكويت ظروفها المبررة! ولا يعقل أن تدرج أسماء أهله وذويه من الدرجة الأولى والثانية إلى قائمة القيود الأمنية، بسبب وجود اسم ما فرضا، لأن العقوبة في القانون الكويتي شخصية، ولا تسري على غير الشخص المعني بها. ولا يعقل أيضا ألا تضع وزارة الداخلية معايير شفافة ومعلنة لإدراج الأسماء في قائمة القيد الأمني بصورة تمكن المتضرر من التقاضي أمام جهات الاحتكام وفض النزاع، من أجل الدفاع عن نفسه أمام القانون الكويتي.
من هنا، لا يمكن لنواب الأمة اليوم السكوت عن تلك المهزلة التي تمارسها وزارة الداخلية في حق شريحة كبيرة محترمة من المجتمع، وجاء الوقت ليتم فتح هذا الملف على مصراعيه، لتتكشف الحقائق بكل وضوح أمام الرأي العام، وخصوصا أن استمرار إبقاء الأسماء في قوائم القيد الأمني طيلة العشرين سنة الماضية يعد انتهاكا صارخا لمواثيق المجتمع الدولي المتعلقة بحقوق الإنسان والعهدين الدوليين، وهو سلوك يتناقض مع أخلاق أهل الكويت التي استمدت من تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف ومفاهيم الشريعة السمحاء. لذا، جاء الوقت لوضع حد لتلك الفضيحة، وإرجاع الحق لأصحابه، ووقف مهزلة الظلم التي يعانيها الناس جراء عدم فتح هذا الملف الأسود إلى يومنا هذا.
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.