بعد أيام قليلة سيعقد مجلس الأمة جلسة خاصة عن الانفلات الأمني (العنف)، وهي ستكون امتحاناً جيداً لكيفية مناقشة أمور مهمة تشغل بال المواطنين، ولنر اذا كان الطرح راقيا وهادفا نستخلص منه تشريعات جديدة أو تعديلات على تشريعات موجودة، او انه سيكون مجرد صراخ وهجوم بالحق والباطل على وزارة الداخلية ورجالاتها «ومن هالكلام المأخوذ خيره». ناسين ومتناسين ان وزارة الداخلية بالرغم من وجود بعض السلبيات وبعض المستغلين لوظائفهم، فان هناك مجموعة كبيرة من رجال الداخلية همهم أمن المواطن وسلامته ويحس الانسان بالاطمئنان بوجودهم، ويستاهلون كلمة طيبة لتشجيعهم.
إن مهمة مجلس الامة اصدار القوانين التي تحدد الاجراءات، وتحدد العقوبات التي على رجال الأمن التقيد بها، وللحقيقة نقول ان هناك تشريعات صدرت غلّت من يد رجال الأمن في التصرف تجاه مشاكل معينة، على سبيل المثال إدارة التحقيقات وجعلها خارج سلطة وزارة الداخلية، فأصبح مدير المخفر أو ضابط المخفر لا سلطان له على محقق المخفر، وسابت الأمور في ضرورة الاسراع في تحويل المحجوزين إلى النيابة، مما أدى إلى عدم قدرة المخفر على ضبط الأمور كما يجب أن تكون، وأصبح ضابط المخفر لا هيبة له وبلا صلاحيات وكما يقال بالعامية «سمنديقة».
العنف والجريمة في المجتمع ليسا مسؤولية رجال وزارة الداخلية فقط، بل مسؤولية المجتمع بجميع مؤسساته وأفراده،
والعنف يشكل ثقافة مجتمعية، وعلى سبيل المثال لنبدأ بمؤسسة مجلس الأمة ودورها في محاربة العنف، فبالإضافة إلى التشريعات التي يصدرها المجلس يجب على المجلس أن يكون قدوة في الابتعاد عن العنف بجميع أشكاله، فنلاحظ أن النقاش في مجلس الأمة نقاش عنيف، سواء كان بين الأعضاء أو الحكومة والأعضاء، وهو يشكل ثقافة وأسلوباً، فبتحريك الشارع وتهييجه هما العنف في حد ذاته، ودعوة الناس للخروج في تظاهرات غير مرخصة هو العنف بذاته، وأخيرا اقتحام مجلس الأمة والعبث بمحتويات قاعة عبدالله السالم عنف قام به بعض ممثلي الشعب، فليس من العجب أن يقوم الشعب بتقليد ممثليه.
المدرسة لها دور، فالعنف المدرسي المتمثل في علاقة الناظر والمدرسين بالطلبة وعلاقة الطلبة بعضهم ببعض، يجب أن تبتعد عن جميع أشكال العنف ومظاهره، وعلى وزارة التربية التنبيه الى ذلك بالتعاون مع رجالات الداخلية في هذا المجال. والمسجد له دور كبير في إطار توجيه خطاب ديني إلى الهدوء والحوار والتركيز على البر والتقوى لا على الاثم والعدوان، وكذلك مقابلة السيئة بالحسنة والدفع بالتي هي أحسن، وان الله غفور رحيم ويقبل التوبة، ولا ننس دور الأسرة فهي المكان الذي ينشأ فيه الفرد وتغرس فيه القيم والعادات التي نرجو أن تكون مسالمة وبعيدة عن العنف، ثم هناك جهات كثيرة مسؤولة عن هذا الموضوع، مثل الصحافة ووسائل الإعلام المختلفة، ثم الجهاز القضائي في ضرورة سرعة البت في القضايا الجنائية وتثقيف رجال النيابة وتدريبهم على معالجة هذه الأمور معالجة قانونية وحازمة.
وقبل هذا كله لابد من وجود مجتمع يسود فيه القانون، وأن هذا القانون قد وضع لحماية كل فرد في المجتمع وحقوقه، مهما كان انتماؤه أو طائفته أو لونه، وان هذه القوانين يجب ان تطبق من دون انتقائية أو تعسف.
ارجو ألا تسيطر على نقاش المواضيع الخاصة في مجلس الأمة الشخصانية والمصالح الذاتية والانتقام الشخصي نتيجة لموقف معين من وزير أو وكيل أو من أي جهة أخرى. وأرجو ألا يكون عقد هذه الجلسة كرد فعل على مقتل الدكتور جابر سمير يوسف، رحمه الله وعظّم أجر ذويه.
نرجو أن نضع النقاط على الحروف ويكون مجلس الأمة غير، وانه بالفعل مجلس مكون من 50 عضوا لا 50 عضوا يكونون مجلساً.
أنور عبدالله النوري
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق