ها قد انتهى عام لم نهنأ فيه ولم تنفرج اساريرنا… الاحداث المتلاحقة محليا وعربيا ارهقتنا… وازدحمت الهموم في صدورنا.. كلما وضعنا رؤوسنا على مخدات نومنا.. تخيلنا وحلمنا بغد اكثر هدوءا واستقرارا.. رافضين في داخلنا تصديق احساسنا المرهف في الخوف والقلق… متأملين ان يكون الغد افضل من اليوم… واليوم ينتظر الاحلى في الغد…
في الكويت انشغلنا اشهرا طويلة في احداث وتغيرات سياسية واجتماعية… كلها تشير الى ان نمطا جديدا في نوع الحياة بدأ يتسرب بين ثنايا مجتمعنا… فلم يعد السياسي الكويتي هو ذاته قبل 20 عاما… والمواطن الكويتي لم يعد هو المواطن ذاته قبل 20 عاما… والشاب الكويتي اختلف كثيرا عن شاب الخمسينات والستينات والسبعينات… الطفل الكويتي اليوم بعيد جدا عن طفل تلك الأيام أيضا.
تلك المتغيرات التي طالت البشر والحياة بأكملها.. تعلن لنا ان اسلوبا جديدا في التعامل مع كل المجتمع الكويتي يجب ان يبدأ.. فما كان مقبولا ايام الستينات والسبعينات وحتى الثمانينات لم يعد كذلك اليوم.. وما كان مرفوضا ومستهجنا بقوة لم يعد رفضه بتلك القوة اليوم.. وما كان ممنوعا اصبح عاديا.. وما كان مقبولا بحذر اصبح امرا عاديا جدا جدا.
التغيرات التي طالت مجتمعنا… تدق جرس النسيان او التناسي… او لنقل تدق جرس الاهمال والتعامي عن الاقتناع ان الوقت حان لنسمع ونستمع.. فالصوت الهادئ الذي لا يكاد يسمع امس لم يعد هامسا اليوم.. والصوت العالي المرعب امس لم يعد كذلك اليوم… فالمقاييس انقلبت او تكاد تنقلب.. وهذا الانقلاب لا يحتاج منا ان ننقلب معها… ولكن ان نعدلها رويدا رويدا.. لان التعديل المفاجئ قد يصيب بالدوران… والدوران قد يؤدي الى الوقوع… والوقوع يعني الاصابات… ويا ويلنا اذا كانت الاصابة في الرأس.
عام جديد… رقمه غير مقبول عند البعض.. وهو رمز تشاؤم عند الكثيرين… ولكن ماذا وجدنا في الارقام الاجمل 12 او 10؟… فهي لم تحمل لنا اجمل الايام وافضل الانجاز… فقد كنا في دوامة التأزيم من عام لآخر الى ان اصبحنا على مشارف عام 2013.. لذا فكل ما نملكه هو ان ندعو الله ان يكلل كل جهودنا في سبيل الاستقرار والانجاز… وراحة البال بالنجاح.
لن اكون متشائمة، ولكنني حذرة في التفاؤل وحذرة في التمني.. فالماء عندما يغلي يحتاج الى بعض الوقت بعد ان تطفأ النار تحته الى ان يركد ويختفي البخار من فوقه… والماء البارد يحتاج الى وقت طويل ايضا لكي تبدأ فقاعات الغليان بالقفز واحدة تلو الاخرى.. وهذا الوقت كله ما هو الا زمن يمضي مع اعمارنا… وهذا الزمن كفيل في تحقيق حلم او حرق صورة مشرقة.. وهو ايضا كفيل في مداواة جرح موجع.. او نكء جرح قديم كاد ان يشفى ويمحى أثره.
ربِّ اجعل عام 2013 عاما عكس رقمه… واجعله عام تفاؤل وعام محبة ورحمة ليس علينا في الكويت فقط ولكن على كل العالم… وان ينتشر وباء الانسانية بيننا… ويعلو غاز الحرية فنستنشقه كل منا في مكانه… فذلك بحد ذاته كفيل في تحويل يومنا وغدنا القريب والبعيد الى اعياد متوالية تسعدنا وتنقلنا من عالم التخلف الى عالم الحياة الكريمة الذي ما زلت والى لحظة كتابة هذا المقال اتمناه للكل.. اينما كانوا.
إقبال الأحمد
Iqbalalahmed0@yahoo.com
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق