رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك ليس مرتاحا من التركيبة الحكومية، وقال إنه كلما عرض المشاركة على شخص اعتذر، لذا فإن التركيبة الحالية هي – والعبارة لي- «الجود من الموجود»، والنائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد الحمود غير مرتاح هو الآخر، لذا أصبح من «المقاطعين» لجلسات مجلسي الوزراء والأمة، ووزير المالية مصطفى الشمالي «الجميع في واد وهو يعزف لحنه النشاز في واد آخر».
التجمع الإسلامي السلفي تشرذم إلى ثلاثة أجنحة أو أكثر، والوحيد الذي تبدل فيه النائب د.علي العمير يقول إن التجمع بخير، وإن استقالة أهم رموزه لا تعني شيئا، والمنبر الديمقراطي تمزق هو الآخر واهتزت بوصلته، ولم يعد من تبقى من أعضائه يفهم ما الذي يجري حولهم، وحتى التجار التقليديون، وهم من أرغم الجميع على ركوب قطار الديمقراطية في مرحلة مصيرية، ما عادوا كما كانوا وأصبحوا في حيرة من أمرهم.
الحركة الدستورية الإسلامية اختفى رموزها هي الأخرى من الساحة، ولم يعد لهم أثر سوى النائب المخضرم مبارك الدويلة الذي لايزال يصارع في كل الاتجاهات، على أمل أن ينقذ شيئا ما لكن كما يبدو دون جدوى، وأيضا هناك غرفة التجارة ذات الدور التاريخي «تقزمت» إلى حد الخوف من تعديل قانونها، وأصبح دورها غائبا عن الساحة ولا أحد يعرف لم كل ذلك؟
كل المجتمعات تمر بتطورات إيجابية في بعض الأحيان، وسلبية في أحيان أخرى، لكن من ينجح منها هو ذلك الذي تكون استجابته على قدر التحدي الذي تمر به، ومن تمكن من أن تكون استجابته كذلك استمر بقوته وتماسكه، ومن عجز عن تحقيق ذلك القدر من الاستجابة هوى في أزمة لن يستطيع الخروج منها، والأمثلة كثيرة من حولنا.
ما يثير الاستغراب أن قوى لها وزنها التاريخي وامتداداتها الشعبية أصيبت بصدمة من فعل سياسي عادي، وانزوت في إحدى الزوايا مكتفية بمثل ذلك الموقف، في حين كان لديها الفرصة أن تقود حراكا نموذجيا يستمد عزمه من نصوص الدستور، وكل ذلك التراكم التاريخي، لكنها أخفقت في ذلك وانجرت إلى عكس ما كنا نتوقعه منها، لا أحد يعرف كيف يمكن الخروج من مثل هذا المأزق، حتى أولئك الذين كانوا يتصدرون المواقف خارت عزائمهم، وباتوا يتلوون من ألم ذلك الفعل رغم أنه لا وزن له.
سقط الجميع عند أول تحد، خاصة أولئك الذين ملؤوا الساحة ضجيجا ووعيدا وتهديدا، وباتوا يبحثون الآن عما يمكن أن يستر عوراتهم التي انكشفت، وكشفت الجميع أمام مجموعة صغيرة من رموز الفساد لاحول لها ولا قوة، لولا أن المواجهة معها قادها أولئك العاجزون إلا من امتطاء صهوة الكلام، ومدعو البطولة المزيفة، هذا هو حال البلد الآن.. كل شيء أصبح في «صرة» على قارعة الطريق وينتظر المنقذ.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق