مظفر عبدالله: الكويت تفتقد لهيئة مستقلة لحقوق الإنسان رغم تطورها السياسي على مستوى الخليج


يؤرقه واقع الإنسان أينما كان، ويقلقه تفريغ المجتمع المدني من حقوقه ومعناه.. لذلك، تولى زمام المطالبة بالحريات عبر موقعه في الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان لسنوات طويلة، إضافة إلى نشاطه عبر الإشراف وإعداد صفحة الحريات لفترة تجاوزت عشر سنوات في صحيفة “الطليعة”، والندوات والمحاضرات التي كان يطرح فيها رؤاه لتوعية المجتمع وإيصال الرسائل إلى المسؤولين، وأخيرا كتابة المقالات في صحيفة “الجريدة” الكويتية..
لذلك، ليس سهلا المرور بخبرة عريقة كهذه الذي يحوزها الناشط الحقوقي الكاتب مظفر عبدالله راشد، من دون أن ننكش المسكوت عنه والمهمش في واقعنا، فالإجابات حتما يدرك أسرارها.

* أ.مظفر.. كيف تقيم العمل الإنساني الحقوقي في الكويت؟
– أنشطة وجهود حقوق الإنسان الأهلية والرسمية في الكويت لا تزال من دون الطموح، ولأسباب عديدة، أهمها ما يتعلق بـ”الفهم” لماهية حقوق الإنسان والتطورات المتلاحقة التي طرأت عليها، بسبب الاهتمام الدولي المكثف تجاه العديد من القضايا، إذ لاتزال النظرة الرسمية مختزلة في تقديم نوع من “الخدمات” للموطنين والوافدين على أنها أعلى درجات الاهتمام بحقوق الإنسان وهي نظرة قاصرة، ورغم التطور السياسي الذي حققته الكويت في المنطقة، فإنه لم ينعكس على بناء مؤسسة مستقلة ذات صلاحيات واستقلال مالي وإداري يعني بحقوق الإنسان، رغم أن كل الحقوق الإنسانية الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان موجودة في دستور الدولة، وإجمالا، فإنه ليس من أولويات الحكومات المتعاقبة الاهتمام بمخالفات حقوق الإنسان.
وعلى الصعيد الأهلي، فلا يزال الجهد والعمل المبذولين في مجال حقوق الإنسان متواضعا، بسبب قصور في الثقافة العامة، وانغماس الناس بشكل مكثف بالشأن السياسي الذي طال حتى العمل التطوعي في الجمعيات الأهلية، إذ إن كثيرا من القيادات وحتى المثقفين لا يعرفون الفرق بين السياسي وحقوق الإنسان.
* وكيف ترى هذا الجهد في المحافل الدولية؟
جهد الكويت في المحافل الدولية في هذا الجانب يقتصر على المساهمات الحكومية، ومن خلال لجان مجلس حقوق الإنسان، ولوكالات الأهمية المتخصصة، وهي لا تعدو كونها تعبر عن الجانب الرسمي، فيما التمثيل الأهلي شبه غائب ان لم يكن غائبا فعليا.
* ترصد السفارات والبعثات الدبلوماسية والباحثون الغربيون العديد من الظواهر ذات الصلة بالوضع الإنساني في الكويت، كالعمالة وخدم المنازل والبدون والمرأة.. وغيرها من القضايا، كيف ترى تجاوب الجهات الرسمية مع ما يكتب حول تلك القضايا؟
– عمل البعثات الدبلوماسية في هذا الجانب يأتي كجزء من عملها الروتيني، وبعض الدول تصدر تقارير دورية حول أوضاع حقوق الإنسان في العالم والكويت من ضمنها، كتقارير مكتب حقوق الإنسان الديمقراطي، وتقرير الحريات الدينية الصادر عن الحكومة الأميركية، ويقتصر رد الفعل الحكومي عليها بمجرد الرد، وغالبا ما يكون بالنفي، لكن معظم تلك المشاكل التي ترد في تلك التقارير بلغت من العمر ما يقارب ثلاثة او أربعة عقود من الزمن، وهو مؤشر على عدم اهتمام الحكومات الكويتية بالملف الإنساني الحقوقي، يضاف إلى ذلك أن معاول الفساد باتت أقوى من جهود الإصلاح المبذولة، إذ لايزال قطاع خدم المنازل من دون غطاء قانوني يرتب العلاقة بين الكفلاء والخدم، رغم أن تعدادهم يفوق نصف المليون نسمة.
* ما القضايا التي تراها مهمشة في الكويت على الصعيد الإنساني؟
– هناك قضايا عديدة، منها ما يتصل بالكويتيين، وأخرى لها صلة بالوافدين، إذ لايزال المواطن الكويتي يعاني مسألة فهم السلطة لمبدأ “حرية التعبير”، فالخطوط تبدو غامضة في العديد من الحالات التي تعرض لها مواطنون ونواب للسجن والإيقاف، ولاتزال أيضا هناك مشكلة في تقنين العمل في وسائل التواصل الإلكتروني، كالصحف الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي، وهناك قضية أخرى لها صلة في منع حق التقاضي بشأن قانون الجنسية ودور العبادة وغيرها من الموضوعات.
وعلى صعيد شريحة الوافدين، فهناك ملفات عديدة، منها تنظيم سوق العمل والعمالة المنزلية بشكل أفضل، وإلغاء نظام الكفيل الفريد في منقطة الخليج العربي، وكفالة سرعة التقاضي في القضايا العمالية، والقضاء على تجارة الإقامات والتجارة بالعمالة الوافدة، ويضاف إلى ذلك بالطبع القضية التي تؤرق الكويت، دولة ومجتمعا، وهي قضية البدون.
* ما القضية الأكثر إيلاما في ملف حقوق الإنسان في الكويت وتهتم لأجل حلها؟
– هي قضية عامة تضم في طياتها كل ما ذكرته سابقا، وأختزلها في أن ما ندعيه بأن الكويت دولة مؤسسات لا يتناسب مع التقصير الواضح في اهتمام الدولة والمجتمع بتدعيم مسألة حقوق الإنسان وإعطائها زخما أكبر، وخصوصا أن الكويت دولة صغيرة لا تملك من مقومات القوة والنفوذ العسكري والسياسي الكثير على مستوى الإقليم والعالم.. لذلك، فإن الدولة الصغيرة مطالبة دوما بدعم المؤسسات التنموية التي تسهم في جعل حياة الإنسان مريحة وآمنة على أراضيها.
* هناك من يرى اللجوء إلى المنظمات الدولية للانتصار لقضايا إنسانية؟
– اللجوء إلى المنظمات الدولية ليس جريمة بحد ذاتها، لكن يجب أن نعلم بأن مسألة اللجوء ينظمها في بعض الحالات طبيعة التعاقدات بين الدولة والمنظمة أو الهيئة الدولية بناء على تصديقات وتوقيعات على معاهدة أو اتفاقية تكفل حق الإجراء حق اللجوء للمنظمة، لكن هناك حالات يتاح للمنظمات الحالية، كالنقابات العمالية، اللجوء إلى منظمة العمل الدولية كمثال، وهو متاح ولا عيب فيه إن لم تجد تلك النقابات طريقا مع الحكومة لحل قضاياها.
* هل الكويت دولة مدنية؟
– نعم.. في الدستور، أما واقعيا، فإن الحكومة لا تدعم هذا المبدأ بشكل واضح وقوي، فهي تنحاز في كثير من الأحيان لفئة او تيار تصطدم أفكاره مع أسس دستورية واضحة كالحريات الدينية وحرية التعبير ونبذ التمييز على أساس الجنس.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.