صلاح الساير: حبس العشاق

من تعريفات العقوبة ذلك الذي يقول بأنها «جزاء وعلاج يفرض باسم المجتمع على شخص مسؤول عن جريمة بناء على حكم قضائي» والعقوبات تتنوع وتتدرج، ومنها العقوبات السالبة للحريات وهي عقوبة الحبس، ومن أطرف أشكال الحبس في الكويت القديمة، ما يفعله حرس الأسواق حين يلقون القبض على الجائلين قرب المحلات ليلا، فيحبسونهم في المدابس حتى الصباح حيث يمضون سهرة مع الفئران في مكان مظلم مليء بالدبس.

للدولة حق احتكار العنف المشروع، لهذا تقيم الدول المؤسسات العقابية التي تشرف بدورها على تنفيذ أحكام القضاء وحبس الخارجين على القانون خلف القضبان، أما في الأزمنة القديمة خاصة في حياة الصحراء حين كان البدو الرحل يسكنون في الخيام ويتعذر الحبس، فكانت القبيلة تمارس العقوبة السالبة للأمان وذلك بنفي المعاقبين وتجريدهم من حماية القبيلة فيكونون عرضة للسلب والنهب والقتل.

الحبس عقوبة «داخل» مكان، أما النفي فعقوبة «خارج» المكان، والعقوبة الأخيرة وردت في أغنية شهيرة للسيدة فيروز تقول فيها «حابسني برات النوم وتاركني سهرانه» فالتفكير بالمعشوق يسلم العاشق للسهر وكأنه يعاقبه بنفيه خارج النوم حيث يحبسه في محبس السهاد في صورة شعرية مدهشة.

www.salahsayer.com
المصدر جريدة الانباء

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.