عبداللطيف الدعيج: كله عند السلطة مخربون


ثقافة الاقتحام، وثقافة الاتهام بسبب غوغائيتهما تتوافران لكل من يرغب. من الممكن استغلالهما من قبل الخيرين لدحض الاشرار، تماما مثلما يمكن استخدامهما من قبل الاشرار ذاتهم لدحر الخيرين والابرياء. واذا كانتا استخدمتا بكثافة من قبل المعارضين الجدد اثناء صعود نجمهم فانهما تستخدمان اليوم من قبل الحكومة للحد من نموهم.

وزير المواصلات، المتأثر بثقافة الاتهام التي تجرعها او تشربها من نشاط المعارضين الجدد ومن «سلوغاناتهم» في التصدي لما اسموه بالاعلام الفاسد او قهر من اطلقوا عليهم ضاربي الوحدة الوطنية، ينوي هذه الايام ممارسة ما تربى عليه هو، وما تقبله مع الأسف «شعبنا» في السنوات السابقة، السيد الوزير ينوي ممارسة هذا ــ اي ثقافة الاتهام ــ ضد الناشطين السياسيين في المواقع الاجتماعية، بحجة انهم مخالفون لقوانين الدولة ومتعدون على المصلحة الوطنية او باستخدام الشعار المفضل لدى الجميع هذه الايام «ضاربو الوحدة الوطنية». والناشطون او البارزون في المواقع السياسية على الانترنت هذه الايام هم في الغالب من المنتمين للمعارضين الجدد او من المتعاطفين معهم. يعني ان الحكومة تنوي استخدام ثقافة الاتهام التي زرعتها المعارضة الجديدة ضد هذه المعارضة، وضد كل من سيحاول ان يعبر بحرية عن رأيه او يتعرض لما تسعى الاطراف المتخلفة في السلطة او المجتمع للحفاظ عليه. بالعربي انقلب السحر على الساحر.. او ان السلطة ستفرض على المعارضة ان تتجرع من الكأس التي طالبت بسقاية الاخرين منها.

قلناها من قبل، ان ثقافة الاتهام سلاح ذو حدين، وان من تغاضى عن اكل الثور الابيض عليه ان يتقبل ما سيحدث له. او ان من حلقوا لحية جاره وهو صامت عليه ان يبلل لحيته. هذه امثلة وحوادث تاريخية وطبيعية، كان من المفروض ان تكون منارا للناشطين السياسيين ومرشدا لهم. لكن مع الاسف فان البعض افقدته النشوة، وحرمته الحاجة واعمته المنافسة.. فضيلة الدفاع عن نفسه عبر الدفاع عن الغير.

الان وبعد ان اصبح المصير واحدا، «والكل عند الحكومة مخربون»، فان من الضروري ان تتكاتف جهود المدافعين عن الحريات للتصدي للحكومة وشركات خدمة الانترنت وخططهما المقبلة القاضية بالسيطرة على النشاط السياسي في الانترنت، ومعاقبة من يعبر عن رأيه بحرية او خارج الاطار الذي رسمه المتنفذون والمهيمنون على وزارة المواصلات او السلطة بشكل عام.

•••

• اذا كان في رئيس مجلس الوزراء خير فان المطلوب منه ان يأمر حصان طروادة او وزير الاسكان بتقديم استقالته بعد مشاركته العلنية في اجتماعات المعارضة النيابية للحكومة، ولو كنت من المعارضة نفسها لقمت باستجواب الحصان الطروادي على انتهاكه للمادة 58 من الدستور وعلى تطفله على النشاط المعارض للحكومة التي يحللها حضرته.

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.