اذا كان هناك عقلاء في مجلس الامة، أو على الاقل اعضاء معنيون باستخدام العقل والمنطق، فان ما يسمى بقضية أو مشكلة القروض من المفروض ان تطوى منذ زمن، بل كان المحبذ ألا تفتح في هذا المجلس. فكما اكد الكثير من الخبراء والمعنيين، فان قضية القروض وفوائدها قضية سياسية بحتة، اطلقها البعض من اجل حشد الانصار وكسب ود الناخبين.
من دون شك، هناك أناس متضررون أو محتاجون، بقروض أو من دون قروض، هناك من يعاني من المواطنين. وهؤلاء من المفروض مساعدة المحتاج منهم «اجتماعيا» وليس اقتصاديا أو ماليا. ان المجتمع ملزم بالنظر في حال اصحاب الدخول الدنيا من المواطنين، والدولة ملزمة دستوريا برعاية الضعفاء ماديا من رعاياها. لكن لا احد ملزماً بتغطية نفقات من اسرف أو تمدد فوق طاقته أو خارج حدود قدراته.
ان مطالبات اسقاط القروض أو فوائدها مع الاسف مبنية على ما سبق ان أقدمت عليه السلطات من اخطاء بمعالجتها «السخية» لأزمة مديونيات مقامري سوق المناخ ومضاربيه. اسقطت أو قسطت الدولة ما سمي بالمديونيات الصعبة عن «التجار»، وقياسا على هذا يحاول البعض ان يسقط مديونيات «الفقراء». المؤسف ان تجارنا ليسوا تجارا، بل اغلبهم مضاربين ومقامرين، وفقراؤنا ايضا ليسوا فقراء بل مبذرين ومبددين. لكن كل هذا ليس مهما، فهؤلاء في النهاية قلة من المواطنين، حيث تبقى الاغلبية من المواطنين في الوسط، وهم ممن لم يدانوا في المناخ ولم يتخلفوا عن سداد القروض، هؤلاء هم اغلبية المواطنين، فما ذنبهم؟ ولماذا يجب ان يدفعوا ثمن جريرة البعض؟!
ان البعض يستخدم دعاوى الفساد الكاذبة، ويذكي روايات السرقات المزعومة من اجل تهييج مشاعر المواطنين وتأليبهم على السلطات بحجة ان البعض يتمصلح أو يسرق، وان البلد كله سائب. وما دام الامر فسادا وسرقات فان اسقاط القروض حق بيّن ومنطق مقبول!!
هذه ليست نكتة ولا مبالغة، بل شعارات غير معلنة رفعتها جماعة المقاطعة وكثير من أقطابها.
ان شعارات محاربة الفساد المبالغ فيها معنية بالدرجة الاولى للترويج لقضية اسقاط القروض، وتبريرها باعتبارها تعويضا للطبقات الفقيرة عن سرقات «التجار» وفساد السلطة.
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق