سامي خليفة: «التدويل».. جريمة أمن دولة

أفهم أن المعارضة السياسية تعاني اليوم من قلة الخيارات المتاحة أمامها في حراكها المطلبي بعد أن عبرت الحكومة ومعها مجلس الأمة عنق الزجاجة، وحرص سواد أعضاء السلطتين اليوم على توفير مقوّمة استمرار هذا المجلس إلى كامل عمره. وأفهم أن المعارضة بدأت تفتح قنوات حوار غير مباشرة مع الجهات المعنية في الطرف الآخر، رغم أنها صُدِمَت حين اكتشفت أن البعض المنتمي لها من الذين هرولوا باتجاه التفاهم مع الطرف الآخر لم يلاقوا أي ترحيب يتعلق ببحث «المطالب» الإستراتيجية التي نادت بها المعارضة، بل كل المطروح هو قبول الأمر الواقع والتسليم باحترام التعاطي الدستوري بشكله الحالي مقابل إزالة «تبعات المطالب» فقط.
أفهم كل ذلك، ولكن ما لا أستطيع فهمه أو حتى تفهّمه هو حالة التصعيد الهستيرية للمعارضة باتجاه التمرد على القانون العام للدولة من مسيرات غير مرخصة وإهانة رجال الأمن وتعطيل مصالح الناس وإهانتهم في الطرقات وسد الشوارع وتخريب الأملاك العامة للدولة، وغيرها من الأمور غير اللائقة بحراك سياسي ينشد الإصلاح والتطوير السياسي في البلاد من جانب، واللجوء إلى الخارج ومطالبة جهات خارجية بالضغط على حكومة الكويت من أجل تغيير سياستها تجاه المعارضة من الجانب الآخر.
وهنا بيت القصيد؟!
فكيف تقبل المعارضة السياسية تدويل الحراك السياسي وتلجأ للمنظمات الدولية والحقوقية والإنسانية ووسائل الإعلام العالمية بتلك الصورة الفجّة التي أقل ما يمكن وصفها بأنها تفتقد إلى الحصافة السياسية وتنتقص من الحس الوطني وتؤسس لمنحى جديد في طبيعة الصراع القائم اليوم بين المعارضة والحكومة؟! يقول بعضهم إن المعارضة ستلجأ فقط لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وفي مواد محدّدة فقط تتعلق بالحد من تعسف السلطة في استخدام العنف ضد المتظاهرين ورفع سقف الإدانات حين توجيه التهم لشباب الحراك السياسي في المعارضة. وتلك قضية تشوبها الكثير من علامات الاستفهام، وخاصة أن من البديهيات التي يعاني منها مجلس حقوق الإنسان هو سيطرة القوى الغربية الكبرى عليه، وبالتالي فإن التدخل الأجنبي في بلادنا حتما سيمس السيادة الوطنية وسيكون ذا تأثير سلبي على سمعة ومصالح بلادنا في الخارج!
أليست تلك جريمة أمن دولة يعاقب عليها قانون الجزاء الكويتي؟! أليست تلك حركة ابتزازية الغرض منها إجبار الحكومة على التنازل خلافاً لإرادتها رغم أن الخطوات السياسية الحالية لم تخرج عن الدستور بتاتا، بل كل ما تم الاعتراض عليه من مرسوم ضرورة وطعون انتخابية أخرى لا خوف عليها ما دامت وضعت بيد أمينة في مواقع الاحتكام وفض النزاع وهي السلطة القضائية. لذا أحسب أن تلك الخطوة غير الحكيمة للمعارضة لا بد أن توضع في نطاقها الواقعي، ولا بد أن تتصدى الحكومة لحماية مصالح المجتمع الكويتي من تدخلات الدول ذات الأجندات الخارجية عبر إيقاف تلك الهسترة التي أصيب بها بعض من يقود المعارضة اليوم.
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.