أدى صدور مرسوم الضرورة لتعديل آلية الانتخابات، وحصر حق الناخب بالتصويت لمرشح واحد، بدلاً من أربعة في نظام الدوائر الخمس، والتي تنتخب كل دائرة منها عشرة أعضاء لمجلس الأمة، أدى إلى نزاع سياسي لم ينته بعد.. لكن التساؤل المطروح هل كان النظام السابق والذي كان يسمح للناخب بانتخاب أربعة مرشحين في الدائرة الواحدة، هل كان ذلك النظام مثالياً وديموقراطيا؟ كما هو معلوم ان توزيع الدوائر الخمس لم يكن موفقاً، حيث تفاوتت أعداد الناخبين بين تلك الدوائر، وكان التفاوت مهماً.. هناك دوائر لا يتجاوز عدد الناخبين فيها الخمسين ألفا، مثل الثانية، ودوائر يتعدى العدد المائة ألف مثل الرابعة والخامسة.. كما أن السماح للناخب بالتصويت لأربعة مرشحين عزز التحالفات المبنية على عصبيات قبلية أو طائفية، بما دفع إلى تهميش كثير من فئات المجتمع وحرمها من الوصول إلى البرلمان… وقد يكون من الطروحات، السابقة للتعديل الأخير بموجب مرسوم الضرورة، أن يسمح للناخب بالتصويت لعشرة مرشحين وإعادة توزيع الدوائر حتى تتكافأ عددياً.. هل كان ذلك سيؤدي إلى تحسين مخرجات العملية الانتخابية وبما يحسن من الممارسة الديموقراطية ووصول أفضل العناصر إلى مجلس الأمة؟ هناك شكوك عظيمة، وقد ينتج عن مثل تلك التعديلات تكريس التحالفات المتخلفة والتي ربما تعصف بالحياة الدستورية والديموقراطية في البلاد وتكرس القيم الرجعية والإقصائية.
هناك بدائل منها توزيع الدوائر على أسس مختلفة، بحيث تكون هناك 50 دائرة انتخابية تنتخب كل دائرة عضواً واحداً.. يعني ذلك، إذا افترضنا أن عدد الناخبين قد يصل خلال سنوات قليلة إلى خمسمائة ألف، أن يكون عدد الناخبين في الدائرة الواحدة عشرة آلاف. هنا يثور تساؤل حول مدى حصانة هذا النظام من المال السياسي الذي قد يؤثر في الناخبين وتوجهاتهم، حيث إنه يصبح من الممكن النجاح بأصوات قد لا تزيد على الآلاف الثلاثة؟ وبتقديري أن المعالجة يجب أن تكمن في تعديل عملية الانتخاب، بحيث لا تحسم الانتخابات في أي دائرة، إلا في حال حصول المرشح على أكثر من خمسين في المائة من أصوات المقترعين، وفي حال عدم حصول أي من المرشحين على مثل هذه النسبة تجري جولة إعادة بين الاثنين الأوائل من بين المرشحين في الدائرة لحسم اختيار الناخبين. وهذا النظام معمول به في عدد من البلدان المتقدمة والنامية، مثل فرنسا والبحرين.. ربما تكون هناك بدائل أخرى لعملية إصلاح النظام الانتخابي، ومن المهم إفساح المجال أمام مختلف الآراء بشأنها، لأنه لا يمكن أن يستمر الوضع كما هو عليه في الوقت الراهن، والكويت تستحق نظاماً انتخابياً أكثر ديموقراطية وأكثر كفاءة. بموازاة ذلك يجب التعجيل بإصدار قانون الجمعيات والأحزاب السياسية، بما يرشد العمل السياسي في البلاد ويحرره من الاستقطابات المقيتة الراهنة.. يتعين أن تكون لدينا قوى سياسية خاضعة للقانون، وتعمل بموجب مرجعيات مدنية متوافقة مع الدستور، وبحيث يكون عدد المؤسسين لهذه الجمعيات السياسية مناسبا، وليس متواضعا.
عامر ذياب التميمي
Email: ameraltameemi@gmail.com
لامصدر جريدةالقبس
قم بكتابة اول تعليق