النفس الطائفي ليس ظاهرة جديدة على المجتمعات الإنسانية فهو يشير إلى طرق التفكير الطائفية التي جلبت الرجعية والدمار لبيئات إنسانية مختلفة. ولكن ما هو ملاحظ حول النفس الطائفي (النظر إلى الشريك الاخر في الوطن وكأنه إنسان غريب لا ينتمي للمجتمع الوطني) هو دلالته على قصر نظر من يمتطي هذا النفس التفريقي وبخاصة قياساً على ما يحدث في عالم اليوم. فلقد تطورت آليات التفكير المدنية في عالمنا المعاصر حيث لم يعد الاعتقاد الديني والطائفي للفرد عاملاً متغيرا أو متطلباً رئيساً يقيس مواطنة الفرد أو يقيم أداءه الوظيفي أو دوره الاجتماعي. فلقد تجاوزت المجتمعات الديمقراطية المعاصرة هذا النوع من التقسيمات البالية لأنها لم تجلب سوى التفرقة وتضييع الفرص وتشتيت الجهود الفعلية للنهوض بالوطن وبالمجتمع. وقصر النظر في استخدام البعض للنفس الطائفي وفي تعاملهم مع الشريك الآخر في المجتمع يشير إلى تجاهلهم للحقيقة المعاصرة, الاعتقاد الديني والطائفي لعضو المجتمع المعاصر ليس بذي أهمية في تحديد ولائه الوطني أو لقياس مدى إيفاء عضو المجتمع بواجباته وبمسؤولياته الاجتماعية. أي أن اعتقادي الديني وطريقتي الخاصة في العبادة كفرد لا علاقة لها مباشرة بكيفية التزامي بمسؤولياتي الوطنية التي أتشارك بها مع المواطنين الآخرين.
إضافة إلى ذلك, الإنسان المعتدل والسوي من المفروض أن يقيم علاقات تعاون وتآلف مع المواطنين الآخرين. فالفكرة الرئيسية في تعريف طبيعة المجتمع الوطني تشير إلى تشارك كل أعضائه بقيم وبمبادئ أخلاقية وطنية لا علاقة لها مباشرة بطائفة عضو المجتمع أو طبقته الاجتماعية….الخ. أنا , كفرد, والمواطنون الاخرون نتمتع جميعنا على حد سواء بمميزات المواطنة, وما يفرقهم عني أو يفرقني عنهم هو مقدار مساهماتنا في إعلاء شأن الحس الوطني ومقدار مساهماتنا في ايجاد مواطنة عصرية وعملية وملتزمة يستحقها مجتمعنا الوطني الذي ولدنا وتربينا ونشأنا فيه.
الكويت الوطن والمجتمع لا تفرق بين أبنائها وبناتها. بل تستمر المواطنة الكويتية الحقة رديفة لإخلاص عضو المجتمع لبيئته الوطنية التي ينتمي إليها. فالكويت هي لمن يخلص لها ولمن يجير كل طاقاته الإنسانية لخدمتها وتطورها, مهما كانت طريقته الشخصية في ممارسة دينه وعباداته, الانتماء للكويت والإخلاص لها هو فقط المعايير الأكيدة والأكثر دقة والأكثر عدلاً لقياس مواطنة الفرد الكويتي. وما عدا ذلك من نزعات معوجة أو أهواء مزاجية في النظر للشريك الآخر في المجتمع قصر نظر واضح. اللهم احفظ الكويت وأهلها.
* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق