مجلس الامة الحالي يحاول جاهدا ان يتفرد بانجاز خاص به. يريد اعضاؤه فوزا سريعا يثبت قدرتهم على الانجاز ويثبت ايضا استقلاليتهم عن الحكومة، وخروجهم من وصايتها المزعومة التي دأب البعض على تأكيدها عبر مقولة «المجلس في جيب الحكومة». طبعا الانجاز كما هو مطلوب، يجب ان يكون برلمانيا صرفا، اي ليس تعاونا بين الحكومة ومجلس الامة، والا لحسب ربما لمصلحة الحكومة دون المجلس. لهذا يسعى النواب الى ان يكون هذا الانجاز خارج رحم الحكومة، او بمعنى ادق «غصب عنها». وليس افضل من موضوع القروض الذي عارضته وتعارضه الحكومة منذ سنوات. وتأكيد استمرار معارضتها واضح من اعادة توزير الوزير الشمالي، عدو اسقاط القروض الحكومي رقم واحد.
أغلب النواب الحاليين في سعيهم لتحقيق هذا الانجاز، يسيرون على خطى المجالس السابقة «الفاشلة» التي وضعت نصب عينيها تبديد الثروة الوطنية. واستدرار عطف الناخبين وتأييدهم من خلال توزيع المنح والعطايا على المواطنين، وليس من خلال القيام بدورها التشريعي المطلوب. لهذا تعطلت معظم مشاريع القوانين، وتخلت مجالس الامة كليا عن دورها التشريعي لتتحول الى ادارة شؤون موظفين معنية بترقيات موظفي الحكومة وبدلاتهم. بالتأكيد في هذا مبالغة بعض الشيء، ولكنها ربما ضرورية ليفيق نوابنا من حلمهم المكلف.
ليتحول النواب نحو تأمين مستقبل المواطنين بدلا من تبديد حاضرهم وتهديده. ليبنوا وليتوجهوا للمشاريع التنموية بدلا من غرف المليارات من الاحتياطي لتلميع صورتهم او تحقيق مكاسب جديدة ستختفي تحت ضغط هل من مزيد؟
اصلا قضية اسقاط القروض لو نجح النواب في تمريرها فلن تحسب لهم، سلبا او ايجابا، بطل اسقاط القروض النائب بورمية والمجالس السابقة. لهذا من الافضل لنوابنا البحث عن انجاز خاص بهم. بل ربما من الافضل البحث عما فشلت المجالس السابقة في انجازه ومحاولة تحقيقه وتجيير شرف الانجاز للمجلس الجديد. ماذا لو صرف نوابنا انتباههم ناحية اعادة او حض الحكومة على تبني المشاريع التنموية التي اغفلها او حتى عارضها نواب المجالس السابقة؟. لماذا لا يتم احياء مشروع «الداو» او ما يشابهه، ولماذا لا يدفع النواب الحاليون نحو هكذا مشاريع بدلا من مشاريع توزيع المنح والعطايا؟.
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق