حين أكتب عن صور الفساد المالي في الكويت وخراب الذمم ونهب المال العام، فذلك ـ لعمري ـ يشعرني بالأسف ويدفع بالمرارة إلى قلبي لا فمي.
يكاد يكون الفساد المالي في الكويت من التراث الكويتي الخمسيني أي سنوات الخمسينات من القرن العشرين، حيث ان عمر الفساد في بلادنا يناهز أعمار الأغلبية العظمى من المواطنين، وأعيده أنا الى الخمسينات لارتباطه ببدء تشكل الدولة الكويتية الحديثة بعد تدفق واردات النفط المالية وإنشاء الدوائر والمؤسسات الحكومية وقيام المشاريع العمرانية.
فمنذ ذلك التاريخ القديم ونحن نسمع عن مشاريع تحوم حولها الشبهات وعن سرقات وذمم معطوبة خربة، وعن أناس كانوا من صغار القوم ماديا ومن المقاربين لخط الفقر ولكن لما ولغوا في الفساد صاروا من علية القوم وأثرياء لا تعد أموالهم ولا تحصى وهم الذين كانوا بالأمس جلوسا على باب الكريم يتسقطون رزقهم الذي إن جاء يوما غاب عشرة.
إن دواعي كتابتي الآسفة هذه ليست لتأريخ الفساد المالي في الكويت والتذكير به، ولكنها تأتي تعقيبا على تكليف الحكومة للسيد وزير المالية بالرد على ما أثاره النائب والوزير السابق السيد «شعيب المويزري» عن فساد مالي يعد بمليارات الدنانير طال بعض المشاريع الإنشائية، لعل أشهرها كلفة إنشاء الطرق والتي بلغ سعر الكيلومتر الواحد في بعضها أربعة وعشرين مليون دينار، وهو الأمر الذي أثار استغراب الجميع.
وحسنا تفعل الحكومة بالرد والتوضيح، ولكن ما نرجوه أن يكون الرد واضحا وصريحا ومباشرا وكاشفا للحقيقة وليس متسترا ومحابيا لمن تدنس بسرقة ومد يده على المال العام حتى بفلس واحد، ولتعلم الحكومة أن هذا المال مال للكويتيين جميعا وليس مالا لها وحدها وأنها مجرد حامية وحارسة لأموالنا وليس من حقها التصرف فيها. ونرجو أن تكون ردود وزير المالية دقيقة ومفصلة وألا تحابي وتتستر على من سرق أو أعان على السرقة وسهل على السارقين، وأن يحاكم الذين سرقوا.
حينذاك نشعر بالأمان ونثق بالحكومة ونأتمنها على أموالنا، أما إذا لجأت إلى الردود المطاطة والغائمة والبعيدة عن الحقيقة، فلا نكون «طبنا ولا غدا الشر»!
katebkom@gmail.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق