قبل الغزو العراقي للكويت، في الثاني من أغسطس 1990، كانت جريمة، أو ربما خيانة عظمى، أن تتحدث عن الولايات المتحدة الأميركية أو الغرب عموما بإيجابية، وبعد ذلك التاريخ أصبح انتقاد الولايات المتحدة والغرب عموما جريمة، وربما خيانة عظمى، يتساوى في ذلك الفرد والحكومات، فقد كانت الحكومات التي تتعاطى مع الغرب بإيجابية توصف بأنها حكومات عميلة، وكذلك الأفراد، وفي ما بعد تلاشت مثل تلك التسميات.
تلك مفارقة لا تجد لها من تفسير، فكيف يمكن أن تنقلب الحال، وتتحول دول الغرب من دول رأسمالية متوحشة تمتص خيرات الشعوب وتستنزفها من أجل مصالحها الخاصة إلى دول «منجدة» للشعوب، تستحضرها عند إحساسها أن هناك تطاولا حكوميا على حقوقها؟ هل تبدل الغرب أم تبدلنا نحن في العالم العربي؟ هل من الممكن أن يدعم الغرب المحتل الصهيوني ويدعم الشعوب التي تعيش مآسي، بسبب وجود كيانه في المنطقة؟!
الاستقواء بالخارج، سواء بالشرق أو الغرب، فهما سيان «بدعة» حصرية قبل الثاني من أغسطس للأنظمة العربية، لكنها تحولت إلى «بدعة» شعبية بعد ذلك التاريخ، رغم العداء الأيديولوجي بين تلك الشعوب، وخصوصا التيارين الإسلامي والقومي، فها هي دول كبيرة، مثل مصر، يستنجد شعبها بالولايات المتحدة والغرب، لإنقاذه من ديكتاتور صغير، وفي ليبيا وتونس واليمن، ونسوا أن من جلب تلك الديكتاتوريات الصغيرة ديكتاتوريات أكبر منهم هي الغرب.
في الكويت لا تختلف الحال كثيرا، فقد كانت تكفي صرخة واحدة في وجه أميركا قبل الثاني من أغسطس لأن تحول مطلقها إلى بطل محلي، وربما بطلا قوميا، ويكفي أن يصدر تيارا أو تنظيما بيانا ساخنا ضد الغرب، حتى يتحول ذلك التيار أو التنظيم إلى رمز من رموز مقارعة الاستعمار والهيمنة الرأسمالية. أما اليوم، فهناك من بيننا من يستنجد بأميركا، ويفعل ذلك تحت شعار المنظمات الدولية، حتى لا يكون الأمر بمثل ذلك الوضوح، ويستقوي بالخارج على الداخل.
إذا كان هناك طرف يعتقد بأن هناك حقا سلب له، فعليه اللجوء إلى المؤسسات الدستورية والقانونية في بلاده، بدلا من الاستقواء بالخارج، لأن مثل تلك الخطوة تعطي شرعية للطرف الآخر، وهي الحكومة، أن تستقوي هي الأخرى بالخارج، عندما تحس أن هناك ضغوطا لا تستطيع مواجهتها، والمثال البحريني ماثل أمام أعيننا، وقد انتقدناه عندما استقوى بالخارج على شعبه، وطلبنا من الحكومة ألا تشارك بمثل ذلك الاستقواء، فكيف نفعل الشيء ذاته عند مواجهتنا لمعضلة أو مشكلة داخلية؟!
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق