حسن عباس: الحكيمة… وزارة الصحة

حينما اشتكى عمي بو داود الشايب ضعف النظر وشبه انعدام الرؤية، أخذته أم العيال أول النهار إلى مركز البحر التخصصي للعيون (منطقة صباح التعليمية). وبدأ الفيلم كالتالي:
7:30 زحمة أكثر من صف طلبة رابعة ابتدائي في غرفة ثلاث بثلاث وبمقاعد لا تَسَع لعدد لاعبي «كوت بو ستة».
9:00 وصل دور الشايب للدخول على الطبيب.
9:30 الذهاب والاياب مرات عدة لغرفة الأشعة والتحليل. لمن لا يعلم، الاشعة تبعد عن غرفة الطبيب كبعد بيتنا عن فرع الجمعية (نص كيلو).
10:45 الوصول إلى الغرفة والاشعة والعودة من جديد إلى الطبيب، أو عفواً 11:30 لأن السكرتيرات والسيسترات عندهم مرضى بالواسطة.
ما أطولها عليكم، الشايب لم ينتهِ من اجراءات الفحص والتحليل والتشخيص النهائي ووجود ماء أزرق بعينه إلا الواحدة ظهرا!
والحمد لله أن الاخبار المتوالية حكت عن أن أعضاء لجنة الاعاقة الذهنية قدموا استقالة جماعية بسبب الاخطاء الكبيرة في عمل اللجان والتجاوزات الكبيرة بحيث تُعطي شهادة الاعاقة وتُغيب عمن «لا ظهر له»، يعني لا فقط نفخ جيوب الحرامية، بل هضم وتجاوز حق المرضى في العلاج، ولم نسمع لا بإدانة لأحد ولا تحويل على النيابة ولا بطيخ!
أما المشروع الوطني الصحي الطموح الذي ظللنا نتحدث عنه منذ سنين، مستشفى جابر الاحمد لم تتجاوز نسبة الانجاز فيه 35 في المئة، واظنني سأقص لأحفادي إن شاء الله عن الازمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي مر عليها بناء المبنى حينما يكتمل في 2030!
كما لا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر الجزيل للاسماء والعوائل التالية: البحر، مكي جمعة، بدرية الاحمد الصباح، الغنيم، الاحقاقي، محمود حيدر، وغيرهم الكثيرون الذين لولاهم ولولا خصلة الكرم فيهم لكان الكويتيون لا ينافسهم في سوء الأحوال الصحية إلا الشعب البورمي!
وفي ظل الاجواء الغشاشة والكاذبة والمزيفة، وفي ظل معرفتنا الكاملة بأن العلاج بالخارج رديف لـ «العلاج البديل وبالاعشاب وبالسياحة وبالسفر»، أقر مجلس الوزراء قبل كم يوم زيادة مخصصات السفر للمريض وللمرافق 100 و 70 بالتوالي!
الحمد لله الوزارة حركية وتتحرك وتحرك الدولة بأكملها وتحاول أن تعالج صحة المواطنين من كل صوب. لكن ما يحيرني كثيرا أن أرسطو استحدث نظريته الخاصة بأن الحركة دليل على وجود السكون وأن المتحرك ضعيف والساكن قوي وتوصل بسبب الحركة إلى وجود الله عز وجل، وأتفهم أن العلماء في الغرب استخدموا حركة المد والجزر والهواء لانتاج الطاقة الكهربائية، وأعرف بأن الانسان في كل مكان وبالحركة يتطور ويبلغ أهدافه الحياتية، والشعوب تتحرك مع الوقت لنيل حرياتها، الكل يتحرك بالخير، فلماذا وزارة صحتنا كل حركتها للتراجع وللخلف وللفساد! لا أقل تحركوا بخفة لا بفجاجة كي لا ينكشف المستور!
hasabba@gmail.com
المصدر جريدة الراي

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.