خالد الجنفاوي: عدوانية وسطوة ديمقراطية

رديف الممارسة الديمقراطية الحقيقية هي الحياة المدنية العصرية والمتمدنة والسلمية. أي أن الهدف الأسمى وراء السعي نحو دمقرطة الفرد والمجتمع من المفروض أن تنتهي بتمدن البيئة الإنسانية وتحضرها ووقف العدائية الشخصانية بتكريس التسامح وقبول اختلاف الآراء. ولكن من يصر على استخدام خطابات سياسية وشخصانية عدائية ضد المجتمع الوطني أو ضد القيمين على مؤسساته المختلفة أو ضد ثوابته الوطنية لا يهدف الى تكريس مجتمع مدني متسامح يأمن فيه الفرد من طغيان الفرد الآخر, بل يبدو انه يريد هذا النوع من بني البشر العدائيين للغاية الحصول على أكبر قدر من النفوذ الاجتماعي وتمكنهم من السيطرة على مصائر الآخرين.
إضافة إلى ذلك, من يبدو انه لا يعجبه العجب ولا صيام شهر رجب ويطغى في طروحاته التفريقية وتعنته ويبالغ في تشويه وقائع المجتمع الوطني فقط لأنه لم يقتنص الفرصة الذهبية في المشاركة الديمقراطية, لا يحق له السطوة على من يختلفون معه. فكيف يؤمن جانب من يبدو انه يريد قلب موازين ومبادئ الحياة المدنية المعاصرة, ولا يرى الحق سوى لديه? فمن يستخدم أسوأ الألفاظ وأقساها لوصف معارضيه في الرأي ومن يبدو انه يتحين الفرصة للانقضاض على معارضيه يشتمهم مرة ويلقي عليهم الاتهامات العشوائية فقط لأنه فشل في قراءة الواقع الديمقراطي المحلي, يجب الحذر منه دائماً وإطلاقاً. فالإنسان الحر والمستقل يرفض عدائية وسطوة مهيجي الجماهير الديماغوجيين, ويرفض تجاوزهم الفج لحرية الرأي والتعبير في المجتمع الديمقراطي والتعددي.
الديمقراطية الحقيقية ليست تحدياً فجاً للسلطة بهدف التكسب الغوغائي, وليست كذلك سعياً أنانياً وراء الكسب الموقت, وليست الديمقراطية الحقيقية صراخاً وتهويلاً ومبالغة وتشويهاً متعمداً ضد الآخر. ولكنها عملية توازن عقلانية ومنطقية وتسامحية وتعاونية لا يجور فيها المواطن على مواطنه الآخر, ولا يسطو أويتنمر عليه أويُنزل من قدره فقط لأنه يعارضه في الرأي !حري بمهيجي الجماهير تذكر أن الإنسان الحر والمستقل في عالم اليوم لن يقبل غوغائيتهم ويرفض طغيانها على حياته اليومية السلمية. ولن يقبل الإنسان الحر تنمرهم ولن يقبل بسطوتهم الشخصانية على حريته الشخصية ! ويرفض طغيانهم الإناني ضد كل من يختلف معهم. والله المستعان.
* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com

المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.