فجأة وبلا مقدمات طلع علينا وزير التجارة بتصريح ملغوم، أعلن فيه ان وزارته تعد قانونا لمعالجة «اعسار» بعض المستثمرين، ومعالجة مشكلة سداد الديون التي تعانيها بعض الشركات. طبعا الوزير حتى يوم أمس يتكلم عن معالجة الوضع عبر قانون، لكنه لم يقل لنا من سيتحمل تكاليف المعالجة. الوزير قال انه يتشاور مع المعنيين، والمعنيون بالاضافة الى البنك الدولي، بنك الكويت المركزي، هيئة سوق المال، وزارة المالية، وزارة العدل ووزارة التجارة. الحمد لله احنا الفقارة لا نزال بره المشاورة. لكن هذا لا يضمن ان الحكومة لن تسحب فلوسنا من دون مشاورة، وتدفعها للمحظوظين من المضاربين من الذين لم يربحوا «كفاية» هذا العام!
منذ المديونيات وحتى الآن، ليس هناك تاجر كويتي خسر، ما سمعنا ان واحداً انتحر او اعلن افلاسه او حتى قرر اجتزاء مصاريفه. كل المديونين من التجار لا يزالون يتمتعون بكل رفاهيات فورة المناخ. الفرق ايام المناخ كانت من فلوس الهواء، بعد المديونيات الصعبة صارت من فلوسنا. اليوم وزير التجارة يسعى لانقاذ مدعي الغرق والافلاس من شركات الاسهم الوهمية التي لا توجد الا على الورق. لا توظف مواطنا ولا تدفع ضريبة ولا حتى رسوما، حتى الشركات العاملة، ان وجدت، لا تدفع شيئا للدولة. مع هذا تتمتع بكل المواد المدعومة، وكل الخدمات شبه المجانية في الكهرباء والماء والوقود التي توفرها الدولة تقريبا بلا مقابل.
قلناها من زمن، التجارة ربح وخسارة. وما يسمى بمستثمرين ورجال المال والاعمال بالكويت لا يوظفون احدا، (اللهم الا صبّاب الشاي البنغالي)، ولا يساهمون بأي طريقة في تنويع الدخل او اثرائه. لا وجود لهم او لشركاتهم الا على الورق، وفي أحسن الأحوال في المكاتب او بالاحرى ديوانيات السوق. وقلناها ايضا، دعاوى انقاذ الطبقة المتوسطة صاحبة الاستثمارات العظمى في الاقتصاد الكويتي، كما زعم بعض الانتهازيين قبل أشهر، لن تنطلي على احد. المتورط الكبير مثل الصغير، تماما مثل الذي اكلته القروض عليه ان «يعابل» نفسه، على الأقل حتى يتعلم ونخلص من كذبة وحنّة انقاذ الطبقة المتوسطة، التي لم تتوقف منذ ازمات الكساد التي ابتدأت مع تشكيل الدولة وحتى الآن.
* * *
• إشاعة فتح المجال أمام الفتيات الكويتيات كي يصبحن طيارات أو «نسور» جو، نتمنى أن تكون صحيحة. ولو أننا نفضل أولا انصافهن وتدعيمهن بقوانين تؤهلهن كي يصبحن «نسورا» في البيوت بدلا من قوانين الأحوال الشخصية الحالية التي تعزز هيمنة الرجل وسيطرته ايضا. نسور الجو أطلقها المصريون على طياريهم أول مرة. لكن تراجعوا عنها الى «صقور»، عندما انتبهوا الى أن النسر يأكل الجيف والرمم، بينما الصقور والعقبان هي التي تصطاد الطرائد.
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق