عبداللطيف الدعيج: لا تملكون تعديل الدستور


أعضاء مجلس خالد سلطان ومحاموهم، وحتى خبراؤهم الدستوريون، شاطين عمرهم بدعاوي وبرامج تعديل الدستور، وبلغت الشطة مداها عند النائب فيصل اليحيى، الذي أعلن ان تعديلاته ستطول كنه «النظام» السياسي ليصبح نظاماً برلمانياً كاملاً!

عندما كتبنا يوم أمس ان أعضاء برلمان خالد سلطان ليسوا بمستوى نواب الأمس، وان العمل والفهم البرلماني والسياسي انحدرا الى الحضيض والى الجهل الفاضح بالتشريع الذي اساء اليه أعضاء المجلس الحالي سواء باقتراحاتهم السخيفة أو بالقوانين التي وافقوا عليها مبدئيا، أو في النهاية اقتراحات «تعديل» الدستور الحالية التي تتعدى قدراتهم بل واختصاصاتهم.

مجلس الأمة يملك بعد التوافق مع الأمير حق «تنقيح» الدستور، لكنه لا يملك «تعديله» أو وضع دستور جديد. ان التنقيح يعني التنقية وازالة الشوائب مع الاحتفاظ بـ«المادة» المنقاة كما هي. التعديل يذهب الى أبعد من ذلك، حيث يلغي ماهية «المادة» أو يغير من شكلها وطبيعتها أو مهامها.

التعديلات التي يطرحها السادة أعضاء مجلس خالد سلطان ومن يتبعهم من قانونيين وخبراء دستوريين تستهدف، كما أعلن النائب فيصل اليحيى نفسه، تغيير النظام السياسي في الكويت وليس تهذيبه أو تشذيبه. أو هي، كما حددها البعض، إلغاء هوية النظام بتحويله الى نظام برلماني كامل متكامل.

هذا يتطلب تقريباً إلغاء أغلب مواد الدستور، خصوصاً المتعلقة باختصاصات رئيس الدولة وتشكيل الحكومة ومشاركة ابناء الأسرة في الحكم، ويعني بالدرجة الاساسية إلغاء كامل المذكرة التفسيرية، التي هي جزء من الدستور، لانها موضوعة بالأساس لتفسير النظام الرئاسي ــ البرلماني الذي اختاره المشرع الكويتي، وشرح صلاحيات رئيس الدولة التي يريد إلغاءها البعض. وفي الجزء الأساسي الثاني مختصة بتفسير وتبرير شعبية الحكم التي غطت عليها الصلاحيات الممنوحة لرئيس الدولة. ووضع صلاحيات تشكيل الحكومة بيد المجلس يؤكد هذه الشعبية وينفي الجهد الذي بذله المشرع لتفسير أو ابراز وجودها «المخفي» في النظام شبه الرئاسي الذي اختاره.

الدستور، منح مجلس الأمة ـــ عموماً ليس مجلس خالد سلطان ـــ حق «تنقيح» الدستور وذلك بـ«تعديل أو حذف حكم أو أكثر من أحكامه» كما نصت المادة 174، لاحظ، بتعديل حكم أو أكثر من أحكامه وليس تعديله كله كما يبدو من اعلانات نواب آخر زمن!

تعديل الدستور.. يتطلب انتخاب مجلس منتخب بشكل «محدد» مسبقاً للقيام بهذه المهمة. المجلس الحالي، أي مجلس خالد سلطان بالذات، انتخبه الناس لتمرير معاملات، وللافراج عن تجار مخدرات ولاستجواب مكسوري الظهر من الوزراء، وربما لمنع بناء كنائس وهدم حسينيات.. ولكن ليس لوضع تعاقد لشعب الكويت يلتزم الآباء والأبناء طوال حياتهم بالخضوع له. ان منح المجلس الحالي أو أي مجلس آخر، بغض النظر عن نوعية أعضائه، منتخب انتخاباً عادياً، أي للرقابة والتشريع، منحه حق تعديل نظام البلد وتغيير طريقة الحكم هو «خيانة» للناخب وغدر رسمي به لانه انتخب ممثليه لأهداف ليس منها تغيير النظام العام أو العبث به.

لذلك، فان الطريقة «الأدبية» وربما الشرعية الوحيدة لتنفيذ «تعديلات» النواب الحاليين على النظام العام هي الدعوة لانتخابات جديدة يكون الخيار الأساسي للناخب فيها والذي يجري عليه الانتخاب هو التعديل الصريح والعام للدستور.

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.