
لا أعتقد إن إعادة تسمية تجمع فكري أو سياسي معين سوف تضفي عليه نوعاً ما من المشروعية, أو تمنحه رونقاً جذاباً في نظر الآخرين ما لم تتغير طريقة طرح الأفكار والتفكير الأساسية التي نشأ عليها التجمع! فالتسمية الجديدة, أو حتى تكرار اختراع مسميات وأوصاف وتصنيفات مختلفة لن تؤدي إلى ضخ روح جديدة أو تجذب مزيداً من المؤيدين المتناقصين ما دام نهج التفكير نفسه مسيطراً على عقول القيمين على التجمع السياسي أو الاجتماعي. فحري بمن يخرج علينا بين الحين والآخر بمسميات سياسية وفكرية تبدو وليدة اللحظة, ويبدو أنها لا تتوافق أصلاً مع الأهداف الأساسية للقيمين على التجمع أن يتأنوا ويفكرون جيداً بما جعل عدد مؤيديهم في البيئة المحلية يقل ويتنقاص يومياً! فمحاولة إخفاء الشمس بمنخل, أو بذل جهود عقيمة لإعادة إشعال الوهج الفكري الذي لم يعد مثيراً للاهتمام لن تجدي نفعاً طالما يستمرون في استخدام طرق التعامل نفسها مع الطرف الآخر, نهج الإقصاء المتعمد لوجهات النظر المعارضة.
ثمة مثل كويتي قديم “رَدينا على طير ياللي” ويشير إلى ردة فعل متوقعة تجاه تكرار البعض للسجالات العقيمة والانغماس مرة أخرى في المماحكات الشخصانية والهذر الزائد عن الحد. ولعل سعي البعض إلى إعادة تقديم أنفسهم في الساحة المحلية بمسميات مختلفة لن يخفي أو يموه نهجهم الثابت, فمن يبدو انه يصر دائماً على أن يقف وسط تقاطع الطرق وبشكل لا منطقي ويحاول قدر استطاعته وضع العصي في دواليب التطور الاجتماعي والديمقراطي, ويحاول تعطيل مسيرة الحياة اليومية المنظمة على ما يبدو من دون كلل أو ملل هو من ينتكس مرة أخرى إلى “طير ياللي”!
إضافة إلى ذلك, إنسان اليوم لم يتعد تنطلي عليه فبركة المواقف الشخصانية وتجشم المبالغات اللامنطقية, وبخاصة في ما يتعلق بتشويه الوقائع المحلية. أي أن المواطن العادي ربما يعرف بشكل واضح جداً ما وراء الصخب وما وراء الجلبة المتعمدة, والتي يبدو انه ينتهجها الآن بعض من فقدوا شعبيتهم, ومن يحاولون قدر إستطاعتهم البقاء تحت الأضواء. فإعادة إطلاق تسميات مثيرة حول نهج فكري لم يعد صالحاً أو مؤثراً ديمقراطياً أو إجتماعياً في عالمنا المعاصر, وذلك ربما بسبب ماضويته وطروحاته الشخصانية وتكراره الممل, هو بشكل أو بآخر محاولة عقيمة للوقوف في دائرة الضوء أطول وقت ممكن حتى لو لم توجد أضواء وكاميرات وفلاشات ومشجعين شغوفين. والله المستعان.
* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق